هل يعد انتحارا
9 ديسمبر، 20052,487 زيارة أحكام عامة في التعامل
السؤال :
في أول يوم للحرب للغزو العراقي الغاشم قام أحد الطيارين الكويتين بإلقاء نفسه وطائرته على تجمع للعدو ، فقتل عدداً منهم واستشهد وكذلك حادثة الفتاة التي لغمت نفسها وألقت بنفسها على ثكنة عسكرية فهل هذا الفعل يعد انتحاراً أم هو عمل مشروع .
الجواب :
الانتحار نوعان انتحار بطرق السلب أو بطريق الإيجاب ، فالانتحار السلبي هو مثل الامتناع عن الأكل والشرب فيما يقال الإضراب عن الطعام فمن فعل ذلك يكون منتحراً والانتحار بطريق الإيجاب كمن يقتل نفسه بسيف أو بندقية أو غير ذلك .
ومن يلقي نفسه في نار ليحترق أو ماء ليغرق وما إلى ذلك من الأفعال الصادرة منه بذاته فكل ذلك يعتبر انتحاراً .
والانتحار حرام بإجماع الفقهاء وهو من الكبائر " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " ( سورة الأنعام ) وقوله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " ( سورة النساء آية 29 )
وقوله صلى الله عليه وسلم : " من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً " ( فتح الباري 10/247 ) وأما بالنسبة لموضوع السؤال وهو إلقاء الطيار نفسه بطائرته على العدو ، فإن هذا لا يعتبر انتحاراً بالمعنى المذكور وقد أجاز الفقهاء هجوم الرجل من المسلمين وحده على جيش العدو مع التيقن بأنه سيقتل ، قال المالكية وذلك إذا كان قصده الشهادة وإعلاء كلمة الله ، وكان فيه قوة وظن تأثيره فيهم ولو علم ذهاب نفسه فلا يعتبر ذلك انتحاراً ودليله قوله تعالى : " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله " ( سورة البقرة آية 207 ) ويكفي هنا غلبة الظن فإذا غلب على ظنه أنه سيقتل من العدو عدداً ويؤثر فيهم أثراً بليغاً وقد ينجو وحتى لو تيقن أو غلب على ظنه عدم النجاة فهذا الفعل لا يعد انتحاراً .
وأما قوله تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ( سورة البقرة 195 ) فقد فسرها أكثر المفسرين بأن المراد بالتهلكة هو أن يقيم الرجل في داره ويرعى أمواله ويترك الجهاد ، فالقعود عن الجهاد هو إلقاء لنفسه في التهلكة ويؤيد ذلك ما رواه الترمذي عن اسلم بن عمران حكاية عن غزوة القسطنطينية أنه : " فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس، وقالوا: سبحان الله، يلقى بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أيها الناس، إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه ، قال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد علينا ما قلنا: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو" ( تحفة الأحوذي 8/311 والمستدرك 2/275 .انظر
2005-12-09
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية