علامات الساعة الصغرى والكبرى
23 مايو، 20072,648 زيارة العقيدة
السؤال :
ما هي علامات الساعة الصغرى والكبرى؟
وما هي العلامات التي وقعت وشاهدها الناس؟
كما نرجو ذكر الأحاديث التي تؤيد هذه العلامات، وهل هي أحاديث صحيحة أم فيها كلام؟
الجواب :
العلامات الصغرى كثيرة، منها ما وقع، وأهم هذه العلامات التالي:
- بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله: (بعثت أنا والساعة كهاتين، ويشير بأصبعيه يمدهما) جامع الأصول /10/384/.
- انشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) [القمر1-2].
- نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة، حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) البخاري13/78 ومسلم 4/2227، وقد وقعت هذه الآية سنة 654 لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدث عنها ابن كثير في أحداث سنة /654/، ففيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الإمام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه (الذيل وشرحه)، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها. وملخص ما أورده أبو شامة – وهو معاصر للحدث – أنه قال: وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخر من هذه السنة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها، ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال: (بسم الله الرحمن الرحيم، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها شرح أمر عظيم حدث بها تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى)، فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال: وكنا في بيوتنا تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد منا سراج، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها، إنما كانت آية من آيات الله عز وجل).
- الفتوحات وانتصار المسلمين، لما روى خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعوا لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، أو يمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) /البخاري 60916/ وقد تحقق ذلك.
كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بملك كنوز كسرى، وأخبر عن غزو الهند، وفتح القسطنطينية، وفتح فارس والروم. وقد وردت الأحاديث بأن الساعة لا تقوم حتى يتحقق ما سبق من بعض هذه الفتوح، وقد تحقق ذلك كله.
- ظهور الدجالين أدعياء النبوة: لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريب من ثلاثين، كل يزعم أنه رسول الله) /البخاري 13-81/ وقد حدث من ذلك عدد كبير.
- الفتن وانتشارها لقوله صلى الله عليه وسلم: (يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا) /صحيح الجامع الصغير /413/، وقد وقعت فتن عظيمة في الأرض، وهي مستمرة إلى يومنا هذا.
- إسناد الأمر إلى غير أهله، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه حين سأل الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ قال: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) قال: وكيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) /جامع الأصول 10/396/، وقد حدث هذا، ويحدث إلى يومنا هذا.
- ولادة الأمة ربتها، وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاه في البنيان، لقوله صلى الله عليه وسلم جواباً عن سؤال جبريل عليه السلام عن الساعة قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاه يتطاولون في البنيان) مسلم، وانظر "الأحاديث الصحيحة" للألباني /33213/ وقد حدث ذلك، وما زال.
- تداعي الأمم على المسلمين: لقوله صلى الله عليه وسلم: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة على قصعتها)، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟!، قال: (بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن)، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: (حب الدنيا وكراهية الموت) الأحاديث الصحيحة للألباني 2/684، وقد وقع هذا أكثر من مرة في الحروب الصليبية، وهجوم التتار، والاستعمار. والأمر مستمر حتى يومنا هذا.
- تسليم الخاصة - أي لا يسلم المسلم إلا على من يعرف -، وفشو التجارة، وقطع الأرحام، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم) الأحاديث الصحيحة للألباني /2/250/، وهذا واقع حادث.
- خروج المهدي، لما روي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي) رواه الترمذي وأبو داود، وفي رواية لأبي داود قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث الله فيه رجلاً مني –أو من أهل بيتي-، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً) صحيح الجامع الصغير 6/70، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي من عترتي، من ولد فاطمة) رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم، المرجع السابق 6/22.
هذه أهم وأثبت ما ورد في الآيات الصغرى.
وأما الآيات الكبرى فهي من حسب ترتيب حدوثها:
- الدخان: فمن الآيات الكبرى التي تقع قبيل الساعة الدخان، قال تعالى: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس هذا عذاب أليم) [الدخان:9-10]، ومما يدل دلالة صريحة على أن الدخان من العلامات الكبرى ما رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري – وهذا الحديث يجمع علامات الساعة الكبرى كلها – قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: (ما تذاكرون؟) قلنا: الساعة، قال: (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات؛ فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم) مسلم 4/2225.
ونخص بالذكر هنا مهمة عيسى عليه السلام فإنه يقضي على الدجال وفتنته، ويخرج يأجوج ومأجوج في زمانه – كما سيأتي بيانه – فيفسدون في الأرض إفساداً عظيماً، فيدعو عيسى ربه فيستجيب له، ويصبحون موتى لا يبقى منهم أحد، وعند ذلك يتفرغ عيسى للمهمة الكبرى التي أنزل من أجلها، وهي تحكيم شريعة الإسلام، والقضاء على المبادئ الضالة، والأديان المحرفة، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها) البخاري 6/460 .
- دروس الإسلام، ورفع القرآن، وفناء الأخيار: بعد ذلك الانتشار العظيم للإسلام الذي يعم المشارق والمغارب، يضعف الإسلام مرة أخرى، ويترعرع الشر، ويرفع هذا الدين العظيم، ويرفع القرآن، ويذهب العلم، ويقبض الله من كان في نفسه بقية من إيمان، فلا يبقى بعد ذلك إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة.
أخرج ابن ماجه والحاكم عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، وليسري على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فنحن نقولها) الأحاديث الصحيحة رقم 87.
وهذه البقية الباقية التي لا تعرف من الإسلام إلا كلمة التوحيد تفنى وتبيد، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق) مسلم 4/2268.
وفي حديث آخر بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تذهب بقية الصالحين في آخر الزمان، ففي الحديث الذي يرويه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبعث ريحاً من اليمن، ألين من الحرير، فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته) مسلم رقم 7915 . وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت) رواه البخاري، ولا شك أن هذا إنما يكون بعد انبعاث الريح الطيبة وقبضها الصالحين، أما قبل ذلك فإن عبادة البيت مستمرة، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج) البخاري. انظر: النهاية لابن كثير 1/186.
- عودة البشرية إلى الجاهلية وعبادة الأوثان: فإذا درس الإسلام، ورفع القرآن، وقبضت الريح كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، عادت البشرية إلى جاهليتها الأولى أو أشد، فتطيع الشيطان، وتعبد الأوثان.
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عما يكون بعد موت المسيح عليه السلام في آخر الزمان، ففي حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم: (ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو كان أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه، حتى تقبضه)، قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (فيبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: ما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور...) الحديث مسلم 4/2258 .
- هدم الكعبة على يد ذي السويقتين: ولعل هذا الزمان هو الذي يهدم فيه ذو السويقتين الكعبة، ففي الحديث الذي يرويه الإمام أحمد في مسنده من طرق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يبايع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خراباً لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه) الأحاديث الصحيحة للألباني 1/245 .
وروى الإمام أحمد في المسند أيضاً عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يخرب الكعبة ذو السويقتين في الحبشة، ويسلبها حليها، ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصيلعاً أفيدعاً، يضرب بمسحاته ومعوله) المرجع السابق 2/119 .
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كأني أنظر إليه أسود أفحج، ينقضها حجراً حجراً، يعني الكعبة) قال ابن كثير في النهاية 1/187 : إسناده قوي.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يخرب الكعبة ذو السويقتين الحبشة) مسلم 4/2232، وإنما سمي ذو السويقتين لصغر ساقيه، فالسويقتان تصغير ساقي الإنسان لرقتهما، وهي سوق السودان غالباً.
وقد يقال: كيف يهدمها وقد جعل الله مكة حرماً آمناً؟ الجواب: أن معناه آمناً إلى قرب يوم القيامة وخراب الدنيا، هكذا قال النووي.
وهذا صحيح إذا كان الهدم في هذا الوقت، وإلا فإن الأمر حكم شرعي، ألزم الله به عباده، فإذا تمرد متمرد وانتهك حرمة الحرم فقد يمنعه الله كما فعل بأبرهة، وقد لا يمنعه لحكمة يعلمها، كما فعل القرامطة الذين اجتاحوا الحرم وفعلوا عنده الأفاعيل، وكما سيفعل هذا الخبيث ذو السويقتين.
- خروج الدابة: وهذه الدابة آية من آيات الله، تخرج في آخر الزمان عندما يكثر الشر ويعم الفساد، ويكون الخير قلة في ذلك الزمان. وهذه الدابة هي التي ذكرها الحق في قوله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) [النمل:82].
- النار التي تحشر الناس: وآخر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة نار تخرج من قعر عدن، تحشر الناس إلى محشرهم، وقد سبق أن ذكرنا الأحاديث التي عدد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أشراط الساعة، وذكر أنها عشر، قال: (وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم).
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه، أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة (أي مهاجراً)، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث: ما أول أشراط الساعة؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب) البخاري 7/272، وفي سنن الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستخرج نار من حضرموت قبل القيامة تحشر الناس)، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا ؟ قال: (عليكم بالشام)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، جامع الأصول 10/368.
هذه هي أهم العلامات الصغرى والكبرى، وانظر لاستيفائها وتفاصيلها وأدلتها كتاب القيامة الكبرى للشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر، ومنه تم تلخيص ما سبق.
2007-05-23
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية