ضبط الشهوة
7 فبراير، 20102,503 زيارة الحظر والإباحة
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ لدي سؤال محرج نوعا ما
انا فتاة عمري 29 لم أتزوج الى الآن، وفي الفترة الأخيره كثيرا ما تصيبني “الشهوة” وتقودني الى التفكير ، ثم استعيذ بالله من الشيطان واستغفره واسأله ان يتوب علي لكن هذه الأمور تعاودني من دون أن أتعمد اثارتها، وعلى الرغم من أن ليس في وقتي أي فراغ فأنا أذهب الى العمل الى ما قبل المغرب ولدي الكثير من الهوايات واحب ممارسة الرياضة وأحفظ القرآن ولا أشاهد التلفاز ولا أسمع الأغاني لكن غصبن عني يطرأ علي هذا التفكير فأخشى ان اكون بذلك أرتكب المعاصي.. فهل هذه معاصي أعاقب عليها ام انها طبيعة انسانية؟
جزاكم الله كل الخير
الجواب :
أنا فتاة تقدم بي العمر ولم يتقدم لي خاطب رغم أني خريجة جامعة ، ووضعي العائلي جيد ، وأنا محافظة على نفسي والحمد لله ، ولكن أجد معاناة عظيمة ، وسؤالي : هل لي أجر على الصبر وما هو جزاء صبري على الطاعة مع قدرتي على عمل المنكرات والعياذ بالله .
الفتوى
ان جزاء الصابرين عند الله عظيم ، وقد اختص الله بعلم مقداره فقال تعالى ( انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر 10 ، وقال تعالى ( ولنجزين الذين صبروا بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل 96 ، ( انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين ) يوسف 90 ، وان من أعظم الصبر أن يصبر المسلم أو المسلمة مع داعية الفعل وعدم وجود موانع المعصية . فالصبر عن فعل الفاحشة مع القدرة أعظم عند الله ، ولذا كانت عقوبة الشيخ الزاني أشد لإمكان وسهولة صبره عن هذا الفعل ولابن القيم رحمه الله كلام نفيس في هذا فيقول مشقة الصبر بحسب قوة الداعي الى الفعل وسهولته على العبد، وورد في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ( عجب ربك من شاب ليست له صبوة ) ولذلك استحق المذكورين في الحديث الذين يظلهم الله في ظل عرشه لكمال صبرهم ومشقته ، فان صبر الامام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه ورضاه وغضبه وصبر الشاب على عبادة الله ومخالفة هواه ، وصبر الرجل على ملازمة المسجد ، وصبر المتصدق على اخفاء الصدقة حتى عن بعضه ، وصبر المدعو الى الفاحشة مع كمال جمال الداعي ومنصبه ، وصبر المتحابين في الله على ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما ، وصبر الباكي من خشية الله على كتمان ذلك وعدم اظهاره للناس من أشق الصبر ، ولهذا كانت عقوبة الشيخ الزاني والملك الكذاب والفقير المختال أشد العقوبة لسهولة الصبر عن ذلك ، هذه الأشياء المحرمات عليهم لضعف دواعيها في حقهم ، فكان تركهم الصبر عنها مع سهولته دلايلا على تمردهم على الله وعتوهم عليه .
ولهذا كان الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر لشدة الداعي اليهما وسهولتهما ، فان معاصي اللسان فاكهة الانسان ، كالنميمة والغيبة والكذب والمراء والثناء على النفس تعريضا وتصريحا ، وحكاية كلام الناس والطعن على من يبغضه ، ومدح من يحبه ونحو ذلك ، فتتفق قوة الداعي وتيسر حركة اللسان فيضعف الصبر ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( أمسك عليك لسانك ) فقال : ( وانا لمؤآخذون بما نتكلم به ) فقال ( وهل يكب الناس في النار على مناخرهم الا حصائد السنتهم ) ولا سيما اذا صارت المعاصي اللسانية معتادة للعبد فانه يعز عليه الصبر عنها .
والمقصود أن اختلاف شدة الصبر في أنواع المعاصي وآحادها يكون باختلاف داعيه الى تلك المعصية في قوتها وضعفها ، ويذكر عن علي رضي الله عنه قال ( الصبر ثلاثة فصبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ) فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ، ومن صبر على الطاعة حتى يؤديها كما أمر الله كتب الله له ستمائة درجة ومن صبر عن المعصية خوفا من الله ورجاء ما عنده كتب الله له تسعمائة درجة .
وقال ميمون بن مهران الصبر صبران فالصبر على المصيبة حسن ، وأفضل منه الصبر عن المعصية .
وقال الفضيل في قوله تعالى ( سلام عليكم بما صبرتم ) ثم قال صبروا على ما أمروا به وصبروا عما نهو عنه ، وكأنه جعل الصبر على المصيبة داخلا في قسم المأمور به والله أعلم .
فنسأل الله الأجر العظيم على صبرك على الطاعة وعن ا لمعصية ، وما حرمت منه في الدنيا هو لك في الآخرة ، ومع هذا ندعوا الله أن ييسر أمرك ، ويرزقك زوجا صالحا وذرية صالحة .
2010-02-07
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية