دليل عذاب القبر
8 ديسمبر، 20052,502 زيارة العقيدة
السؤال :
ما هو دليل عذاب القبر، وكيف يعذب في القبر من مات غريقاً، ولم يعثر على جثته، أو شخص نقل بعد مماته من بلد إلى آخر عن طريق الثلاجة؟
الجواب :
قد وردت إشارات في القرآن تدل على عذاب القبر، وقد ترجم البخاري في كتاب الجنائز لعذاب القبر، فقال: باب ما جاء في عذاب القبر، وساق في الترجمة قوله تعالى:" إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون" (الأنعام: 93) وقوله تعالى: " وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب" (غافر: 45).
والآية الأولى التي ساقها البخاري إنما هي في تعذيب الملائكة الكفار في حال الاحتضار والآية الثانية تدل على أن هناك عذابين سيصيبان المنافقين قبل عذاب يوم القيامة، العذاب الأول ما يصيبهم الله به في الدنيا إما بعقاب من عنده وإما بأيدي المؤمنين، والعذاب الثاني عذاب القبر، قال الحسن البصري:" سنعذبهم مرتين: عذاب الدنيا، وعذاب القبر". وقال الطبري:" والأغلب أن إحدى المرتين عذاب القبر، والأخرى تحتمل أحد ما تقدم ذكره من الجوع أو السبي أو القتل والإذلال أو غير ذلك ".
والآية الثالثة حجة واضحة لأهل السنة الذين أثبتوا عذاب القبر، فإن الحق تبارك وتعالى قرر أن آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا، وهذا قبل يوم القيامة، لأنه قال بعد ذلك:" و يوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" (غافر: 46) وقال القرطبي:" الجمهور على أن هذا العرض يكون في البرزخ، وهو حجة في تثبيت عذاب القبر " (البخاري:11/233).
ومن الإشارات القرآنية الواضحة الدالة على فتنة القبر وعذابه قوله تبارك وتعالى:" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " (إبراهيم: 27) ففي الحديث الذي يرويه البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا أقعد المؤمن في قبره أتى ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فذلك قوله:" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " (إبراهيم: 27). وفي رواية أخرى: وزاد:" يثبت الله الذين آمنوا" ، ونزلت في عذاب القبر" (البخاري3/231) .
وأما عذاب القبر عن من مات غريقاً أو نقل من بلد إلى آخر، وكذلك لو احترق أو أكلته السباع أو غير ذلك، فيقول شارح العقيدة الطحاوية:" قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته،إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي. مما تحيله العقول، بل إن الشرع قد يأتي. بما تحار فيه العقول، فإن عودة الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا " (شرح العقيدة الطحاوية 450) .
وقال في موضع آخر: " واعلم أن عذاب القبر هن عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قبر أو لم يقبر، أكلته السباع أو احترق حتى صار رماداً ونسف في الهواء، أو صلب أو غرق في البحر، وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه، ونحو ذلك. فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه و سلم مراده من غير غلو ولا تقصير " (شرح العقيدة الطحاوية 451) وراجع مصدر ذلك للتفصيل: اليوم الآخر- القيامة الصغرى: 48 وما بعدها للدكتور عمر سليمان الأشقر).
2005-12-08
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية