تفسير ” أتجعل فيها من يفسد فيها “
11 ديسمبر، 20093,263 زيارة القرآن والتفسير والحديث
السؤال :
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30].
هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم عليه السلام؟ وإلا فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ و جزاكم الله خير
الجواب :
خلق الله الجن قبل الإنسان قال تعالى :" وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ " أي من قبل خلق آدم. وقال الحسن: يعني إبليس، خلقه الله تعالى قبل آدم عليه السلام. وسُمِّيَ جانا لتواريه عن الأعين. وفي صحيح مسلم من حديث ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما صوّر الله تعالى آدم عليه السلام في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به وينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خُلِقَ خلقاً لا يتمالك " وقد سكن الجن الأرض فأفسدوا فيها فعن ابن عبـاس رضي الله عنهما قال:أوّل من سكن الأرض الـجنّ، فأفسدوا فـيها وسفكوا الدماء، وقتل بعضهم بعضاً.
وأما تفسير قوله تعالى :{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
قال القرطبي في تفسير الجامع لأحكام القرآن عن قتادة في قوله: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } قال: كان الله أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فلذلك قالوا: «أتجعل فيها مَن يفسد فيها».وفي الكلام حذف ؛ والمعنى إني جاعل في الأرض خليفة يفعل كذا ويفعل كذا، فقالوا: أتجعل فيها الذي أعلمتناه أم غيره؟ وبمثله قال الشوكاني .
وقال ابن كثير: وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم؛ كما قد يتوهمه بعض المفسرين، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول، أي: لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه، وههنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقاً، قال قتادة: وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها، فقالوا: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } الآية، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ فإن كان المراد عبادتك، فنحن نسبح بحمدك، ونقدس لك، أي: نصلي لك، كما سيأتي. أي: ولا يصدر منا شيء من ذلك، وهلا وقع الاقتصار علينا؟ قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي: إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها مالا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون، والعباد والزهاد، والأولياء والأبرار والمقربون، والعلماء والعاملون، والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى، المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم، وقيل: معنى قوله تعالى جواباً لهم: { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } إنَّ لي حكمة مفصلة في خلق هؤلاء والحالة ما ذكرتم لا تعلمونها، وقيل إنه جواب { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } فقال: { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي من وجود إبليس بينكم، وليس هو كما وصفتم أنفسكم به والله أعلم.
2009-12-11
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية