تأجير الإقامة
9 ديسمبر، 20052,690 زيارة الإيجار
السؤال :
جرى العمل لدى الكثير من أصحاب المكاتب أو الشركات أو الأفراد أن يستقدم العمال من الخارج ليعملوا عنده وهم على كفالته فإذا وصلوا قام بتأجيرهم للغير مقابل مبالغ كبيرة ويعطي العامل منها جزءا بسيطا ربما يساوى الربع ويأخذ هو الباقي فهل هذا العمل جائز في الشرع .
وما حكم من يؤخر أجرة العمال لمدة طويلة، مما يضطرهم إلى الاستدانة ليأكلوا
الجواب :
من استقدم عاملا ليقوم بعمل معين لابد له من أن يبين له طبيعة العمل ومدة العمل وأجرة العامل " فهذا عقد بين طرفين، يشترط فيه ما يشترط في سائر العقود فالعامل هنا أجير خاص إذا وصل البلاد واستلم عمله وقام به استحق أجره المحدد المتفق عليه على ألا يكون فيه غبن فاحش فلا يعطيه أقل من حقه بكثير، والمقياس العرف السائد في مثل هذه الأعمال من حيث مدتها وأجرتها ولابد من تعيين المدة لأنها إجارة على عين ، و لا يجوز أن يكلف العامل بعد وصوله أن يعمل عند غيره عملا يشق عليه، أو لم يكن متفقا عليه بينهما فان كان العمل الذي يقوم به عند غير رب العمل وهو الكفيل مساويا لما كان سيقوم به من عمل وبذات الأجرة فلا بأس لأن رب العمل ملك منفعة العامل .
أما إن كان العمل أشق أو أطول مدة أو أقل أجرة مما ليس في العقد، ولا يرضاه العامل،أو يرضى به كرها لاضطراره فهذا يعتبر من السخرة المحرمة واشد حرمة أن يؤجره ويأخذ أجرته ويعطيه الأقل ويأخذ الأكثر ويعتبر رب العمل أو الكفيل متعديا على منفعة العامل، فيضمن للعامل أجرة مثل ما عمل، وذلك لأن منفعة العامل مال فيجوز أخذ العوض عنه، ويضمن المنفعة بالتعدي ورب العمل أو الكفيل قد تعدى على منفعة العامل حين أكرهه على عمل لا يرضاه ولم يقع الاتفاق عليه أو كان الاتفاق على قدر معين فزاد عليه في العمل أكثر مما تم عليه الاتفاق فيضمن قيمة الزيادة .
وعلى هذا فما يقع من بعض الأفراد أو الشركات أو الحكومات من استقدام العمال وتأجيرهم للغير بمبالغ كبيرة يعطون العامل القليل و يأخذون الكثير. فإن الحكم الشرعي هو أن هذا عقد فاسد لأنه تم بدون رضى من العامل، ولم يقع عليه الاتفاق أو قبله مكرها مضطرا فإن للعامل في ذمة رب العمل المستفيد من جهده أجرة المثل تلزم من أخذ جهد العامل بهذه الصورة سواء أكان هو الكفيل أو غيره .
والكفيل لا يستحق أجرة على الكفالة و إنما له أجرة تكاليف إتمام إجراءات الكفالة من مصاريف وإن عمل العامل له عملا فعليه اجر مثله .
وهذا الحكم كما هو مقرر شرعاً في جانب الأفراد والشركات كذلك هو في جانب الدولة فلو أن الدولة أكرهت العمال على عمل ضمنت لهم إجرة مثلهم ولو كان هذا العمل لمصلحة عامة للمسلمين وقد ثبت في الصحيح من حديث بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول " (عون المعبود 13 353 والحاكم في المستدرك 1/406 وصححه الحاكم والذهبي) وجاء في حديث عبد الله بن السعدي قال : " استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة، فقلت: إنما عملت لله ، وأجري على الله، فقال: خذ ما أعطيته فإني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني " (مسلم 2/723 والبخاري بلفظ أخر 13/150 ) .
وأما ما يحدث من ترك العامل دون إعطائه أجرته مدة طويلة، فهذا مما لا يجوز قطعاً، وينبغي إعطاء العامل أجره على وجه الاستعجال ، إما قبل العمل أو بعد إنهائه في المدة
المحددة، يوميا أو مشاهرة .
والأجير يستحق الأجرة بمجرد تسليم نفسه إلى رب العمل في المدة المحددة، فبمجرد وصوله للبلاد وتسليمه نفسه لرب العمل أصبح مستحقا للأجرة ، لأن منافع العامل في هذه الحال أصبحت مستحقة لرب العمل في المدة المحددة فينبغي أن يعطيه أجره ولو
لم يعمل، ولذا لا يجوز لهذا العامل أن يعمل لدى الغير إلا بإذن رب العمل وان عمل بدون إذن نقص من الأجرة بقدر ما عمل .
بل لو عمل متبرعاً للغير، فلرب العمل أن يسقط من أجرته بقدر قيمة ما عمل لأن رب العمل ملك منفعة العامل عند تسليمه نفسه في المدة المحددة .
ويلزم الدولة إنصاف العامل أو العمال من رب العمل وتلزمه دفع أجرة أعمالهم إن عملوا، أو لم يعملوا ماداموا قد سلموا أنفسهم للعمل وكانوا مستعدين، وكان عدم التكليف بالعمل من جهة رب العمل لا من جهتهم .
2005-12-09
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية