المباهلة
8 ديسمبر، 20052,537 زيارة العقيدة
السؤال :
ما هي المباهلة، و لماذا استخدم النبي صلى الله عليه وسلم المباهلة مع النصارى ولم يستخدمها مع اليهود، وهل هي سنة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، أم يمكن استخدامها من قبل علماء الدين للذود عن حياض الإسلام؟
الجواب :
آية المباهلة في قوله تعالى: " الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله علي الكاذبين، إن هذا لهو القصص الحق، وما من إله إلا الله، وإن الله لهو العزيز الحكيم، فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين " ومعنى قوله تعالي: " فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " أي هلموا نجتمع ويدعو كل منا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى المباهلة وفي صحيح مسلم لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي ( ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) أي نلتقي نتضرع إلى الله فنقول: اللهم ألعن الكاذب منا في شأن عيسى، فلما دعاهم إلى المباهلة امتنعوا وقبلوا بالجزية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " لو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً " قال أبو حيان: " وفي ترك النصارى الملاعنة
لعلمهم بصدقه شاهد عظيم على صحة نبوته " ثم قال تعالى: " إن هذا لهو القصص الحق " أي هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا شك فيه " وما من إلا إله الله " أي لا يوجد إله غير الله، وفيه رد علي النصارى في قولهم بالتثليث " وإن الله لهو العزيز الحكيم " أي هو جل شأنه العزيز في ملكه الحكيم في صنعه " فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين " أي إن أعرضوا عن الإقرار بالتوحيد فإنهم مفسدون والله عليم بهم وسيجازيهم على ذلك شر الجزاء.
وسبب النزول " أنه لما قدم وفد نصارى نجران، وجادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر عيسى عليه السلام ، قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: مالك تشتم صاحبنا؟ قال: وما أقول؟ قالوا: تقول انه عبد قال: أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، فغضبوا وقالوا: هل رأيت إنساناً قط من غير أب؟ فإن كنت صادقاً فأرنا مثله فأنزل الله " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم " الآية وروى أنه عليه السلام لما دعاهم إلى الإسلام قالوا: قد كنا مسلمين قبلك، فقال: كذبتم يمنعكم من الإسلام ثلاث: قولكم اتخذ الله ولداً، وأكلكم الخنزير ، وسجودكم للصليب فقالوا: فمن أبوه فأنزل الله " إن مثل عيسى.. " إلى قوله : " ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، فقال بعضهم لبعض: إن فعلتم اضطرم الوادي عليكم نارا فقالوا أما تعرض علينا سوى هذا ؟ فقال: الإسلام أو الجزية أو الحرب فأقروا بالجزية.
والمباهلة لم تكن خاصة بالنصارى بل هي موجهة أيضا لليهود وغيرهم قال ابن كثير: هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم، " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة " والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله " سواء بيننا وبينكم " أي عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: " أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً " لا وثناً ولا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً ولا شيئاً، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة جميع الرسل، قال الله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " وعلى هذا فيمكن أن تكون المباهلة في هذا العصر. بمعنى دعوة غير المسلمين للحوار للوصول إلى الحق وهو التوحيد الخالص. (انظر: مختصر تفسير ابن كثير 1/289 وصفوة الصفوة 1/204 والمحرر الوجيز لابن عطية3/149).
2005-12-08
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية