الفوائد الربوية
9 ديسمبر، 20052,517 زيارة تعاملات البنوك وشركات التأمين
السؤال :
ما قولكم فيما شاع عن مفتي إحدى الدول الإسلامية من أن فوائد البنوك وتحديدها مسبقا ً جائزة وليســت من الربا ، وأنها تعامل مشروع ، وهـو من المضاربة المقبولة شرعا ً، وما الحكم الشرعي بالنسبة لهذا المفتي ؟
الجواب :
إن فوائد البنوك لا خلاف في حرمتها ، هي من الربا المقطوع بحرمته ، وقد نزلت فيه أشد آية فـي كتاب الله ، وأعلن الله عز وجل الحرب على آكلي الربا 0
ومعلوم أن قروض البنوك إنما تكون بفائدة ، وهذه الفائدة منسوبة إلى رأس المال ، والبنك ضامن لرأس المــــال والفوائد ، فكيف يكون الربا إن لم تكن هذه المعاملة ربا 0
ومن جانب آخر فإن تصور أن الاتفاق بين البنك و العميل والرضى به يجعل المعامـلة حلالا ًفهذا قول باطــــل ، فالحرام لا يحله اتفاق الطرفين 0
وأما تصوير التعامل مع البنك على أنه مضاربة شرعية ، كل ما هنالك هـو تحديد مبلغ معين يعتبر فائدة أو ربحاً
فإن مما لاشك فيه أن هذا التعامل غير صحيح ، ولن يقبل به فقيه ، ولا يقبله طلبة العلم الشرعي ممن لديهم أدنى علم بأحكام المعاملات في الفقه الإسلامي ، وهـذا العقـد باطل ولا يصح عقد مضاربة لأن من شـــــروط عـقــــد المضاربة ألا يتفق الطرفان على تحديد ربح معين مقطوع لأحدهما 0
والفتوى بجواز أخذ فوائد البنوك ، فتوى يجـب ردهــا لأنها مصادمة لنص قطعي الدلالــة على حرمــة الزيـــادة المشروطة في العقد مقابل الأجل ، وهـو ربا الجاهلية المعروف ، ولا تدخل هذه الفتوى في باب الاجتهاد لأنه لا اجتهاد مع النص ، قال تعالــــى : ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لــم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) 0
وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة ) ، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم الربـــا من الســبع الموبقات و" لعن رســول الله صلى الله عليه وســـلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشــاهديه ، وقال : هم ســـواء"0
والربـا الذي تتعامل بـه البنوك هــو من قبيل ربا الجاهـليــة الذي جاءت الآيات الســابقة لتحرمـه وهـو المســمى ( ربا الجاهلية ) وهـو قرض الدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به 0
واعتقد بلا ريب أن هذه الفتوى مصادقة لنصوص الشرع وخارقة لإجماع الأمة ، وهي باب من أبواب حرب الله ورسـولـه ، ولا يجوز لمسـلم أن يأخذ بها على أيـة حالة كانت ، ولقد تكررت الفتاوى المحرمــة و المعطلـة لهـذه الفتوى بما هو إجماع من أهل العلم من الجهات العلمية الموثوقة المعاصرة مثل : شيخ الأزهر ، ومجمع البحوث الإســلاميـة ، ومجلــس المجمع الفقهـي بمكـة المكرمـة ، ومجمع الفقـه الإسـلامي بجدة الذيـن أصدروا فتـاواهـم وقراراتهم في بطلان هذه الفتوى ، وهذه فتاوى جماعية ترد بها الفتاوى الفردية 0
ولا يحل لمسـلم أن يأخذ بهذه الفتوى ، ولو كان أميا ً، محتجا ًبقول العامة " ضعها في رقبـة عالم واطلع سـالـم " فحرمة الربا من المعلوم ضرورة في الشرع و الدين 0
وأما الحكم الشرعي بالنسبة لهذا المفتي ، فإن عزله من ولي أمره في دولته واجب ، لأنه يصر على فتوى مصادمة لصريح النص وخارقة لإجماع الأمة قديمها وحديثها ، واستمراره مصرا ًعلى هذه الفتوى يحدث فتنة واضطرابا ًعند العامة خاصة 0
2005-12-09
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية