الزواج من ابنة الزانية
9 ديسمبر، 20056,822 زيارة الزنا واللواط
السؤال :
رجل زنى بامرأة والعياذ بالله ، ثم تاب إلى الله توبة نصوحا. وبعد سنوات تقدم لخطبة ابنت هذه المرأة، وتزوجها وتم الدخول.
فما حكم هذا الزواج. وهل هو صحيح أم هو باطل أفيدونا فهذا موضوع حادث و واقع.
الجواب :
مما هو معلوم من الدين بالضرورة حرمة الزنا، وأنه من كبائر الذنوب، فمن وقع منه وقع في أمر عظيم، ووجبت عليه العقوبة في الدنيا والآخرة. وتجب عليه التوبة إلى الله توبة نصوحا، عسى الله أن يتقبل توبته.
ولقد اختلف الفقهاء فيمن زنا بامرأة وأراد أن يتزوج ابنتها فالحنفية والحنابلة ذهبوا إلى القول بحرمة ذلك . فمن زنى بامرأة حرمت على أصوله وفروعه فلا تحل لأبيه ولا لأبنه وحرم على الزاني أصولها وفروعها فلا يحل له أن يتزوج بنتها سواء كانت متولدة من مائه أو من غيره، وكذلك بنت بنتها وان نزلت، كما يحرم عليه أن يتزوج أمها وجدتها وهكذا، لكن له أن يتزوج أختها، وتحل أصولها وفروعها لأصول الزاني وفروعه، فيجوز لابنه أن يتزوج بنتها بشرط ألا تكون متولدة من ماء زنا أبيه ولا راضعة من لبنه الناشىء بسببه.
واستندوا في هذا إلى قوله تعالى " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم والوطء يسمى نكاحا ولو كان حراما، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. " لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها " وروى قوله صلوات الله وسلامه عليه " ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها" وقالوا أيضا: إن النكاح عقد يفسده الوطء إذا كان بشبهة، فكذلك يفسده الوطء الحرام. (المغنى 7/117)
وذهب المالكية في المعتمد والشافعية إلى أن من زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاح الأم أو ابنتها، ولا تحرم هي على ابنه ولا على أبيه.
واستندوا إلى قوله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " وبما روى عن عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل زنا بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها فقال " لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح "( أخرجه البيهقي وضعفه) وبما روى عن عبد ا لله بن عمرو: أن رجلا من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم- في الزواج- من امرأة يقال لها: أم مهزول كانت تسافح.. فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم " والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك " (رواه احمد وغيره رجال احمد ثقات) ففهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم أن الزاني يجوز له أن يتزوج المزني بها أو بنتها (المجموع 375/15 وتفسير القرطبي 167/12 وبداية المجتهد لابن رشد 34/2).
ولعل الراجح قول المالكية والشافعية ومن معهم في عدم حرمة الزواج من المزني بها أو ابنتها، فأدلتهم عندنا ظاهرة القوة، ولعل أقوى الأدلة مما يمكن أن يستدل به لمذهبهم، فهم الدلالة الشرعية من قوله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم " فمراعاة الدلالة اللغوية للفظ "نكح " تعنى مطلق الوطء، الحلال أو الزنا، وأما الدلالة الشرعية فتخص الحلال لأنه المقصود الشرعي من اللفظ، وقد تقرر في علم أصول الفقه أن اللفظ إذا دار بين المعنى اللغوي والشرعي ولم توجد قرينة تعين المراد منهما، وجب حمل اللفظ على المعنى الشرعي عند جمهور الفقهاء، لأنه غالب عادة الشرع استعمال الألفاظ في معانيها الشرعية وإن كان يطلقها أحيانا على ما وضعت له في اللغه.
ومن أدلتهم القوية أيضا أن وطء الزنا لا يثبت به النسب ولا التوارث، وهذا متفق عليه، فلا صلة يحرمها الزنا كما يحرم النسب أو الرضاع.
وترجيح مذهب المالكية والشافعية هنا لا يعنى اباحة الزواج من بنت المزني بها إذا ترجح أنها من ماء هذا الرجل، فهي بنته من الزنا، ونسبها وإن لم يثبت له، إلا أنه يحرم الزواج منها في هذه الحال، عند الحنفية والمالكية في المعتمد والحنابلة، وعند الشافعية يكره الزواج بها، فان تزوجها لم يفسخ العقد.
2005-12-09
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية