الدعاء بعد الصلوات
27 مايو، 20072,568 زيارة السنة والبدعة
السؤال :
ما حكم ما يقوم به الإمام بالدعاء جهراً بعد أداء الصلاة، كدعاء الصباح بعد صلاة الفجر، ودعاء المساء بعد صلاة المغرب، وأدعية أخرى؟
الجواب :
نفرق في ذكر الأدعية الجماعية بين أن يكون الذكر عقيب الصلاة، أو في أوقات أخرى. ونقدم لذلك بمقدمة، ثم بيان الحكم في الحالين:
من الثابت أن للدعاء أوقات مفضلة، كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، والجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، ومن هذه الأوقات بعد الصلوات المكتوبة؛ لما روى أبو أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات) (الترمذي، وقال: حديث حسن). ويستحب طلب الدعاء من أهل الفضل كإمام مسجد، وعالم، وتقي، ومن جمع بين ذلك فهذا أولى بطلب الدعاء منه، ويجوز أن يكون طالب الدعاء أفضل ممن طلب منه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن، وقال: لا تنسنا يا أخي من دعائك) وفي رواية قال: (أشركنا يا أخي في دعائك، فقال: كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا) (أبو داود 2/169، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، قال الذهبي: في إسناده راوٍ ضعيف، ميزان الاعتدال 3/353).
والأوقات المذكورة في السؤال: "دعاء الصباح، ودعاء المساء" قد ورد في خصوصها أحاديث كثيرة، منها: ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال في كل يوم حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه الله عزوجل ما أهمه في الدنيا والآخرة) أبو داود. وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير) (الترمذي: 3/142)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً، وما كان من المشركين، وإذا أمسى فليقل: أمسينا على فطرة الإسلام..الخ) (صحيح الجامع الصغير 4/209).
وأما تخصيص الوقت للدعاء الجماعي في المسجد جهراً بعد الصلاة، بأن يدعو الإمام ويؤمن من سمعه ويلتزمون ذلك، فهذا مما لم يثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام، لكن لو أن الإمام لم يلتزم ذلك، وإنما تحين مناسبات -مثل الكوارث والفتن- فدعا بهذه الأدعية وغيرها، وأمّن من معه فلا بأس به، من باب التذكير وتحريك المشاعر وإحياء القلوب.
هذا بالنسبة لالتزام الأدعية الجماعية بعد الصلاة خاصة، أما إذا كان الاجتماع للدعاء والذكر خارج الصلاة -ولو في المسجد- فهذا مما لا بأس به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) (مسلم 4/2074)، ولذا قال الإمام النووي: يستحب الجلوس في حلق الذكر، وقال الإمام ابن تيمية: الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن، إذا لم يتخذ سنة راتبة، ولا اقترن به منكر من بدعة. وعن الإمام أحمد بن حنبل: لو اجتمع القوم لقراءة ودعاء وذكر، فعنه أنه قال: وأي شيء أحسن منه، وعنه لا بأس بذلك، وعنه أنه محدث. ولعل قول أحمد إنه محدث لشيوعه في زمنه، والتزام أقوام له.
2007-05-27
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية