الاجارة المنتهية بالتمليك
20 فبراير، 20062,370 زيارة تعاملات البنوك وشركات التأمين
السؤال :
المصارف والبنوك والشركات الاسلامية يتعاملون في عقد يسمونه الاجارة المنتهية بالتمليك ، وسمعت بعض أهل العلم يعتبر هذا العقد باطلا لأن هذا من قبيل اجتماع عقدين في عقد واحد وهذا قد ورد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فنرجو بيان حقيقة هذا الموضوع .
الجواب :
هذا الموضوع من المواضيع الهامة المتعلقة بالواقع العملي للمصارف الاسلامية خاصة .
وينبغي أن يؤخذ بالاعتبار الخلاف الفقهي المعاصر في الموضوع حيث منعت بعض جهات الافتاء العمل بالاجارة المنتهية بالتمليك ، ولقد سبق للمجمع أن أجاز هذا العقد من حيث الأصل ، ووضع له قيودا وشروطا ليقع صحيحا ، وبناء على قرار المجمع جواز الصور العملية التي نص عليها ، فقد باشرت المصارف والشركات الاسلامية التعامل بهذا العقد ، مستندة الى قرار المجمع ، والى قرارات هيئات الرقابة الشرعية فيها . بل نشأة شركات متخصصة بالاجارة والاارة المنتهية بالتمليك ، حتى غدا هذا العقد من أهم أدوات الاستثمار الاسلامي ، لما يحققه من مصالح مشتركة للمصارف الاسلامية والعملاء .
فان ليس من مصلحة ولا من أهداف المصارف والشركات الاسلامية أن تتملك لمدد طويلة التجهيزات والالات الكبيرة ، كالسفن والطائرات ونحوها ، فبناء على هذا العقد فانها تشتريها لا بقصد تملكها على الدوام ، وانما بقصد تأجيرها على الراغب فيها ، ثم يتملكها بعد المدة المتفق عليها بعقد جديد ، ويقوم هو بصيانتها والمحافظة عليها محافظته على ملكه . وتراعي المصارف والشركات الإسلامية استرجاع رأس مالها مع الأرباح .
وقد أفاد هذا العقد المصارف والشركات الاسلامية في احتفاظها بملكية الأعيان الم}جرة ، مع زيادة أرباحها لطول مدة الأجل في هذه العقود بعد استرجاع رأس المال ، وقد تدخل طرفا ثالث ممولا للشركات أو المصانع ونحوها .
ومن جانب آخر فان الإجارة المنتهية بالتمليك تيسرت على أصحاب الأموال ، وخاصة أصحاب الدخول المحدودة تملك الدور بعد استئجارها .
ولقد تبين أن هذا العقد من أكبر أدوات التنمية في البلاد الفقيرة ، وتجربة البنك الاسلامي بجدة خير برهان . ولا شك أن هذا العقد اذا أحسن تطبيقه فانه يحقق مقاصد ومصالح معتبرة ، وما كان كذلك فثم شرع الله عنده .
وبعد هذه المقدمة أبدي ما أراه في هذا الموضوع :
إن القول بمنع الايجار المنتهي بالتمليك مطلقا قول يجافي الصواب . كما أن القول بجوازه مطلقا في كل صوره يجافي الصواب أيضا . ذلك أن هناك صيغا مجمع عليها ، أو يكاد الاجماع ينعقد عليها :
الصورة الاولى :
اذا كان الايجار حقيقيا وبثمن المثل ، ومالكه وعد بالبيع ، وعدا ملزما أو غير ملزم على الخلاف في ذلك ، ويكون الثمن عند البيع هو ثمن المبيع حقيقة ، فهذه صغية عقد ايجار لا ريب ، وليس بيعا بالتقسيط ، وتطبق عليه أحكام الاجارة ،فاذا انتهى عقد الاجارة ، أبرم الطرفان عقد بيع جديد .
الصورة الثانية :
صياغة عقد ايجار ، وللمستأجر الخيار في تملك العين في أي وقت أثناء فترة الاجارة ، بسعر السوق وبعقد جديد . او تكون صورته عقد ايجار مع وعد بالهبة ، وتكون في عقد منفصل . وهاتان صيغتان أجازهما المجمع ، وأغلب العمل في المصارف والشركات الاسلامية عليهما .
وقد بحث مجمع الفقه الاسلامي الدولي هذا الموضوع في دورته الثانية عشرة بالرياض وأصدر قرارا حاسما متوازنا راعى فيه ما صدر في هذا الموضوع من قرارات واخصها وأهمها قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة وهذا نص قراره :
أولا :
ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي :
أ ـ ضابط المنع : أن يرد عقدان مختلفان ، في وقت واحد ، على عين واحدة ، في زمن واحد .
ب ـ ضابط الجواز :
1 ـ وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر ، زمانا بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الاجارة ، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الاجارة . والخيار يوازي الوعد في الأحكام .
2 ـ أن تكون الاجارة فعلية وليست ساترة للبيع .
ج ـ أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير تلف ناشىء من تعدي المستأجر أو تفريطه ، ولا يلزم المستأجر بشيء اذا فاتت المنفعة .
د ـ اذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا اسلاميا لا تجاريا ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر .
هـ ـ يجب أن تطبق على عقد الاجارة المنتهية بالتمليك أحكام الاجارة طوال مدة الاجار وأحكام البيع عند تملك العين .
و ـ تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الاجارة .
ثانيا :
من صور العقد الممنوعة :
أ ـ عقد اجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل مادفعه المستأجر من اجرة خلال المدة المحددة ، دون إبرام عقد جديد ، بحيث تنقلب الاجارة في نهاية المدة بيعا تلقائيا .
ب ـ اجارة عين لشخص بأجرة معلومة ، ولمدة معلومة ، مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة ، او مضاف الى وقت في المستقبل .
ج ـ عقد اجارة حقيقي واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر ، ويكون مؤجلا الى أجل طويل محدد ( هو آخر مدة عقد الايجار ) ، وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية ، ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية .
ثالثا :
من صور العقد الجائزة :
أ ـ عقد اجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة ، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر ، معلقا على سداد كامل الاجرة وذلك بعقد مستقل ، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة ، وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم 13 (1/3) .
ب ـ عقد اجارة مع اعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الايجارية المستحقة خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الاجارة ، وذلك وفق قرار المجمع رقم 44(6/5) .
ج ـ عقد اجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة ، واقترن به وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان .
د ـ عقد اجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، مقابل أجرة معلومة ، في مدة معلومة ، ويعطي المؤجر للمستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء ، على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق ، وذلك وفق قرار المجمع السابق رقم 44(6/5) ، أو حسب الاتفاق في وقته .
2006-02-20
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية