إخراج زكاة الفطر بالنقد
8 سبتمبر، 20102,908 زيارة
السؤال :
هل يجوز إخراج زكاة الفطر بالنقد، وهل إخراجها بالنقد يعتبر زيادة مخالفة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (البخاري). ولماذا لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم زكاة الفطر بالنقود، وهل يجوز إخراجها من غير الأرز؟ وهل يجب على من أخرجها وقدمها للـجنة خيرية مثلاً من سنوات ماضية بالنقد، أن يعيد إخراجها باعتبار أنها لم تجزئه ولم تسقط عنه ؟
الجواب :
زكاة الفطر واجبة لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين) متفق عليه.
وقد ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى عدم جواز إخراج القيمة، ودليلهم النص على الطعام في الحديث السابق.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاءوهو الظاهر من مذهب البخاري كما قال النووي ، إلى جواز إخراج القيمة ،واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل صغير وكبير حرا وعبدا قال فكان يؤتى إليهم بالزبيب فيقبلونه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج قبل الصلاة وقال أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم
الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: ابن عدي - المصدر: الكامل في الضعفاء - لصفحة أو الرقم: 8/319
خلاصة حكم المحدث: [فيه] نجيح أبو معشر مع ضعفه يكتب حديثه وقال البيهقي غيره أوثق منه وقال النووي وابن حجر وغيرهما أبو معشر ضعيف .
(وأغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم) فالحديث قد ذكر فيه علة الحكم، وهو إغناء الفقراء يوم ا لعيد، ولا شك أن الإغناء كما يتحقق بالإطعام يتحقق بقيمة الطعام نقداً، بل إن النقد أبلغ في تحقيق الإغناء للفقير المنصوص عليه، لأن الفقير قد يشتري بالنقد ما يحتاجه من ثياب وطعام وغيره، وقد لا يتحقق الإغناء الكامل لو أن كل ما يأخذه الفقير كان من الطعام، وما دام الحديث قد ذكر العلة فليست هناك زيادة على النص ولا رد، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول.
ثم إن عبادة زكاة الفطر ليست كالعبادات المحضة كالصلاة، يلتزم بأعداد ركعاتها والقراءة والذكر فيها، بل هي من العبادات التي تجوز الزيادة فيها، لحسن الأداء وأخذ الفضل والأجر، فيجوز أن يدفع أكثر من صاع، لا بنية مخالفة النص وإنما التزاماً به وطلب زيادة الأجر. واستدلوا أيضا: بأن الطعام المنصوص عليه في الحديث هو مال متقوم وهو المقصود، لا أنه عين فحسب، فيجوز حينئذ الطعام وقيمته نقداً أو عروضاً أو أي شيء يقوم به (البدائع 2/969).
وقد أجاز بعض الصحابة رضوان الله عليهم إخراج نصف صاع من القمح بدل الصاع، وقد اعتبروا في ذلك القيمة، إذ قيمة نصف صاع من قمح تعادل في قيمتها صاعاً من البر أو الشعير، وإذا جاز أن نقوم بذلك جاز التقويم بالنقد، لأنه تقويم أيضاً. فقد روى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، قال فجعل الناس عدله مدين من حنطة، وفي رواية (فعدل الناس به بنصف صاع من بر) قال ابن القيم: والمعروف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جعل نصف صاع من بر مكان الصاع من هذه الأشياء ذكره أبو داود، وفي الصحيحين أن معاوية هو الذي قوم ذلك زاد المعاد 1/148) حين قال: (إني لأرى مدين من سمراء الشام تعود صاعاً من التمر) وإنما لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم غير الطعام، ربما لأنه الأنفع في وقتهم) لشح النقد بأيديهم ولو أعطى الفقير هذا ربما لا يجد الطعام، ولأنه أيسر على من وجب عليه، ومن جانب آخر فإن الأئمة الحنفية والمالكية ورواية عند أحمد جوزوا إخراج القيمة في غير زكاة الفطر، وعلتهم بأن الزكاة حق مال مقصوده إغناء الفقراء وسد حاجتهم أو حاجة الأصناف المستحق للزكاة، وزكاة الفطر أخت زكاة المال.
وقال ابن تيمية قولا وسطا تسنده مقاصد الشرع والقياس فربط الجواز بالضرورة أو المصلحة فقال : يجوز إخراج القيمة في الزكاة لعدم العدول من الحاجة أو المصلحة مثل أن يبيع ثمرة بستانه فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف
أن يشتري تمرا أو حنطة فإنه قد ساوى الفقير بنفسه ، قال : وقد نص أحمد على جواز ذلك ومثل أن تجب عليه شاة في الإبل وليس عنده شاة فإخراج القيمة كاف ، ولا يكلف السفر لشراء شاة ، أو أن يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم فهذا جائز " الاختيارات 5/372،.
وأرى وجاهة قول ابن تيمية ومقتضاه التوسع في إخراج القيمة في هذه الأيام ر فإن حاجة المستحقين الى النقد أعظم من حاجتهم الى الطعام ، وكثير منهم يأخذ الطعام ولكثرته عنده يقوم ببيعه بأرخص الأثمان ليشتري بالنقد ما تشتد حاجته إليه خاصة ليوم العيد من ملبس له ولزوجه ولعياله فالمصلحة ظاهرة ههنا . ولو أن المزكي أخرج نصف زكاته طعاما والنصف الآخر نقدا كان جمعا حسنا .
.
وإذا تم إخراج زكاة الفطر من الطعام فلا يتعين إخراج الأرز، بل من كل ما ورد النص به من التمر والشعير والزبيب والإقط والقمح والسلف والذرة أو مما لم يرد به النص، لما ورد في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال (كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والإقط والتمر) ولذلك قال المالكية والشافعية يجوز إخراج زكاة الفطر من غالب قوت كل بلد، والمراد بغالب قوت البلد هو ما يقتات به الشخص في حياته العادية فيجوز أن يخرج مما ذكر أو من اللبن واللحم والحبوب والثمار.
وأما ما تم إخراجه من نقد عن زكاة الفطر في سنوات ماضية، فلا يعاد مرة ثانية ليخرج بالطعام بناء على ما سبق من أقوال العلماء في جواز إخراج زكاة الفطر نقداً،
2010-09-08
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية