هل هذا من الصوفية
12 ديسمبر، 20052,501 زيارة القرآن والتفسير والحديث
السؤال :
شاب من طلبة العلم يدعو بعض الشباب إلى بيته يقرأ لهم بعض آيات القرآن الكريم ويفسرها، ويصلى بهم ركعات في الليل ، ويقدم هذا الشاب عشاء بعد الانتهاء من دروسه وصلاته وأحيانا أثناء ذلك، فما حكم الشرع في هذا العمل، وهل يجوز الذهاب إليه إذا دعانا، وهل يعتبر هذا من بدع الصوفية؟
الجواب :
نجيب بما ذكره الأمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي مميت البدعة ومحي السنة فيقول رحمه الله:
من دعا قوماً إلى منزله لتعلم أية أو سورة من كتاب الله، أو سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو مذاكرة في علم أو في نعم الله ، أو مؤانسة في شعر فيه حكمة ليس فيه غناء مكروه ولا صحبه شطح ولا زفن ولا صياح، وغير ذلك من المنكرات، ثم ألق إليهم شيئاً من الطعام على غير وجه التكلف والمباهاة ولم يقصد بذلك بدعة، ولا امتيازاً لفرقة تخرج بأفعالها وأقوالها عن السنة فلا شك في استحسان ذلك، لأنه داخل في حكم المأدبة المقصود بها حسن العشرة بين الجيران والإخوان، والتودد بين الأصحاب ،وهي في حكم الاستحباب، فان كان فيها تذاكر في علم أو نحوه فهي من باب التعاون على الخير.
ومثاله ما يحكى عن محمد بن حنيف، قال دخلت يوماً على القاضي علي بن أحمد، فقال لي : يا أبا عبد الله قلت: لبيك أيها القاضي، قال: هاهنا أحكي لكم حكاية تحتاج أن تكتبها بماء الذهب، فقلت: أيها القاضي أما الذهب فلا أجده، ولكني أكتبها بالحبر الجيد، فقال: بلغني أنه قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أن الحارث المحاسبي يتكلم في علوم الصوفيه ويحتج عليه بالآى، فقال أحمد: أحب أن أسمع كلامه من حيث لا يعلم ، فقال أنا أجمعك معه- فاتخذ دعوة ودعا الحارث وأصحابه ودعا أحمد ، فجلس بحيث يرى الحارث، فحضرت الصلاة، فتقدم وصلى بهم المغرب، وأحضر الطعام، فجعل يأكل ويتحدث معهم، فقال أحمد: هذا من السنة.
فلما فرغوا من الطعام وغسلوا أيديهم جلس الحارث وجلس أصحابه، فقال: من أراد منكم أن يسأل شيئاً فليسأل، فسئل عن الإخلاص، وعن الرياء، ومسائل كثيرة، فاستشهد بالآى والحديث، وأحمد يسمع لا ينكر شيئا من ذلك فلما كان هَدىَّ من الليل أمر الحارث قارئاً يقرأ شيئاً من القرآن على الحضور فقرأ، فبكى بعضهم وانتحب آخرون، ثم سكت القارئ، فدعا الحارث بدعوات خفاف، ثم قام إلى الصلاة، فلما أصبحوا فال أحمد: قد كان بلغني أن هاهنا مجالس للذكر يجتمعون عليها، فإن كان هذا من تلك المجالس فلا أنكر منها شيئاً.
ففي هذه الحكاية أن أحوال الصوفية توزن بميزان الشرع، وأن مجالس الذكر ليست ما زعم هؤلاء، بل ما تقدم لنا ذكره، وأما ما سوى ذلك مما اعتادوا فهو مما ينكر.
2005-12-12
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية