حكم المظاهرات
1 أبريل، 20114,922 زيارة الحظر والإباحة
السؤال :
السلام عليكم
شيخ ماحكم المظاهراات ؟
الجواب :
المظاهرات وسيلة مستحدثة للتعبير عن الرأي لا تنافي السمع والطاعة لولي الأمر، فالحكام والنظم بين مضيق ومتوسط وموسع في شأن الحريات وإبداء الناس آراءهم ، وليس كل رأي يعلن عنه ، ولا كل مسيرة أو مظاهرة يسمح بها ، وإنما الدساتير والقوانين تحد حدودها ، والدول الحضارية توسع ، والدول المتخلفة تضيق ، ودولنا متوسطة ، ولعلها على خير الأمور ، ولكل بلد ظروفه وموروثاته وأعرافه ، ولا يصح وصف من يعبر عن رأيه في صحافة أو غيرها ، أو يعبر عن رأيه بمسيرة أو اعتصام أو مظاهرة أنه يعارض قول الحاكم أو يثير الفتنة ، فهو مخالف للشرع لأنه عصى ولي الأمر. فإن ما سمح به ولي الأمر والدساتير فهو في دائرة المباح وهذا في الحالات والظروف العادية السلمية . ودستور الكويت من هذه الدساتير التي تحترم عقول الناس ، وتفترض فيهم حسن الظن والحرص على مصلحة الوطن ، ففتحت للناس أن يعبروا عن آرائهم بكل الوسائل المشروعة قانوناً حتى الاعتصامات و المسيرات والمظاهرات اعتبرتها نوعاً من أساليب التعبير المسكوت عنه فنص الدستور على أن " لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما ، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون " فالأصل جواز التعبير بكل وسيلة حتى بالاعتصامات و بالمسيرات والمظاهرات والتجمعات ، ما لم يصدر من ولي الأمر منعها ، أو تقييدها تبعاً للظروف والأحوال. وقواعد ومقاصد شريعتنا تعتبر المظاهرات وسيلة وهي اليوم وسيلة حضارية ما دام هدفها سامياً ، فالأصل في الوسائل الجواز ما دام هدفها نبيلاً يحقق مصالح الناس ، وقد تكون الوسيلة واجبة إذا تعينت طريقاً للإصلاح أو توصيل الرأي ، أو هي مطلوبة مرغوب فيها لنصرة الحق ،مثل تعبير الناس عن فرهتهم بالتحرير فتظاهر الكبار والصغار تعبيرا عن هذه الفرحة ، ومن ذلك نصرة قضايا المسلمين العامة ، فقد كانت المظاهرات والمسيرات الوسيلة المؤثرة في نصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين تعرضت ذاته للانتقاص والسخرية ، فالحدث لا تكفيه البيانات والشجب ، وإنما يستحق أن تتحرك الشعوب لتعبر عن مشاعرها الجياشة نصرة لنبيها ، فتحرك العالم بتحركهم ، وقضية فلسطين ما حركتها إلا المظاهرات وأحداث غزة آخرها تجاوب العالم الغربي قبل المسلمين نصرة لأهل فلسطين ورأينا المظاهرات تجوب العالم أجمع . فالمظاهرات والمسيرات من حيث الأصل مباحة إذا أذن بها الحاكم وسارت ملتزمة بالنظم والقوانين ، وما دامت محققة للمصالح ، فإن خرجت من المصلحة إلى المفسدة من إتلاف وتكسير وإثارة فتنة لزم منعها درءاً للمفسدة ، فالمنع لاستغلالها في غير مقاصدها وأهدافها السامية في التعبير عن الأراء والتوجيهات لا لذاتها.
ولا يبعد القول عن الصحة إن قلنا : إن المظاهرات قد تكون مشروعة ومطلوبة ولو لم يأذن بها الحاكم ونظامه إذا قابلها بلوغ ظلم الحاكم مداه فعطل الشرع وحارب أهله ، وصادر الحريات وكمم الأفواه ، وملء السجون ، وأشاع الفساد ، وأساء توزيع الثروة فحارب الناس في أرزاقهم فقتر عليهم ، وأسرف على نفسه وأعوانه . فتركه والحال هذه إلقاء بنفوس العباد والبلاد إلى التهلكة ، فالمظاهرات نعمة الوسيلة حينئذ فهي أفضل وإن ترتب عليها بعض المفاسد والتضحيات بالمال وبالأنفس فيحتمل هذا دفعا للفساد الأعظم القائم . وهي – كما تدل الوقائع - ستحقق بعض المصالح في تعديل الأوضاع وتخفيفها أو قلع الظالم والنظام من جذوره وهي في الترتيب الفقهي أولى من الإنقلاب العسكري الدموي .
وإبداء الرأي بكل الوسائل لا يعني الخروج على الحاكم : فقد يخلط البعض بين وجوب السمع والطاعة والخروج على الحكام المسلمين ، فهذا خلط بين المشروع والممنوع وتحميل الشرع ما لم يحتمله أو يقره ، فدائرة النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مضادة لدائرة الخروج على الحاكم ، فالأصل وجوب النصح ، والأصل هنا حرمة الخروج ؛ ولذا عني الفقهاء بالأصل الأول فوسعوا فيه توسعة كبيرة جداً ، وضيقوا في الثاني تضييقاً كبيراً جداً ، وهذا فهمهم من الأحاديث الصريحة في التوسعة أو التضييق ، فلم يجيزوا الخروج على الحكام إلا بتحقق شرطين متلازمين :
الأول : تعطيل شرع الله ، وظهور الكفر البواح الذي قام عليه الدليل والبرهان.
الثاني : القدرة على إقامة الشرع ومحو الكفر وإزالة من أمر به إذا لم يؤد ذلك إلى شر وفتنه أعظم.
2011-04-01
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية