بسم الله الرحمن الرحيم
التفاؤل منهج الإسلام في مواجهة الوباء
كلمتنا هذه عن قضية غاية في الأهمية ، وهي ” التفاؤل “، والفأل هو الكلمة الطيبة التي يسمعها المسلم أو غيره ، فيرتاح لها وتسره، والتشاؤم عكسه وهو حمل الكلام أو التصرف على المحمل السيء, وهوالذي نسميه التشاؤم ، وعلاجه التتشاؤم بالتفاؤل
وفي الشدة و الأزمات,والكوارث والأوبئة يمكن أن يحل التشاؤم بدل التفاؤل لدى كثر من الناس ، مثل ما نعيشه هذه الأيام من أزمة وباء كرونا ، كثير من الناس لا يهمه إلا الأخبار السلبية والتشاؤمية .
و الأخبار المقلقة عن تفشي فيروس كورونا المستجد كورفيد-19 تصلنا يوميا وعلى مدار الساعة عبر وسائل الاتصال ومن أنحاء العالم، وليس معنى هذا التقليل من شأن هذا الوباء ، ولكن كل مرض أو وباء مهما كان حجمه يجب أن ينظر إليه بمنظارين : نظرة شرعية ، ونظرة واقعية
أولا : النظرة الشرعية : فهي الميزان الشرعي : ونقصد أن ننظر من خلال موازين ونصوص الشرع ، فديننا الحنيف جعل للتشاؤم دائرة ضيقة ووسع في دائرة التفاؤل ، واعتبر التفاؤل من صفاة المؤمنين ؛ لأنها صفة النبي صلى الله عليه وسلم فكان يحب الفأل ويكره التشاؤم، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة ) متفق عليه.والطيرة هي التشاؤم.
بل جعل الإسلام التفاؤل مهمة الأنبياء فقال تعالى : “وما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ } [ الأنعام: 48] ، [ الكهف : 56] وقال تعالى : «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»، فلن يغلب عسر يسرين . وقال ،صلى الله عليه وسلم : ” يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ” وفي الحديث القدسي: ««قال الله جل وعلا: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله»» [متفق عليه]، فحسن الظن بالله عبادةٌ ؛ لأنه يعني إرجاع الأمر والتصرف لله تعالى ، لأنه يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم .وقال صلى الله عليه وسلم : «تبسّمك في وجه أخيك صدقة»، فهذا الدين دعوة للتسامح والبشاشة والتواد والتآلف بين الناس ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالتفاؤل ، وجعله أصلا في ديننا ، فقال كلاما عجبا : “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل”. فلا اشق على البشر من أهوال يوم القيامة ،وفي هذا الحديث دعوة لاغتنام الوقت لعمل الخير مهما كانت الظروف صعبة ، فالأمل يتسع لكل خير حال أو مستقبل مأمول.
وفي النظرة الشرعية من جانب آخر مهم أيضا : أن هذا المرض والوباء واي وباء لا بد وأن ينتهى ويتعافى الناس منه ،وهذا أمر مهم لرفع اليأس عن النفوس ، وليعتقد المسلمون أن أي مرض أو وباء له علاج حتما ولا يأس معه ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “: ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله” فكما أن الداء بازل بقدر الله فالدواء نازل حتما . وقد جعل الله علم الناس سببا في رفعه . وفيه حث ودعوة قوية إلى أن يبذل العلماء جهدهم في اكتشاف العلاج والمصل المضاد الرافع للمرض أو الوباء .
ثانيا : النظرة الواقعية : يجب ان تكون متوازنة ، فمن حيث الواقع لانهون من خطورة الوباء فقد بلغت خسائر العالم الاقتصادية نحو خمسة ترليونات . وتجاوزإصاباته في البشرالى تاريخ 25/5/2020 نحو340 الف وفاة ،ونحو خمسة ملايين إصابة .لكن ينبغي أن نذكر حالات الشفاء، وقد تجاوزت مليوني نفس
فينبغي أن ننظر إلى التفاؤل ونغلبه على التشاؤم من حيث الواقع . فمن الأخبار الواقعية التي ينبغي إثارتها وإشاعتها الآتي :
1- تشير التقديرات إلى أن 99% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا يتعافون
2- رغم الوفيات ، فإن معدل الوفيات الإجمالي يبلغ حوالي 1% أو ربما أقل، وهو أقل بكثير من نسبة الوفيات لدى مصابي متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد “سارس” الذي كان حوالي 11%، أو الإيبولا 90%.
3- ومما ينبغي إشاعته خاصة للأمهات والآباء أن الأطفال يصابون بالعدوى بشكل أقل بكثير من الكبار ، وإذا أصيبوا فهو خفيف لا شدة فيه كحال الكبار .
4- تتسابق دول العالم للوصول إلى لقاح لفيروس كورونا، وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس قد أعلن بتجربة تضامن، وهي دراسة بمشاركة عدة دول لتحليل العلاجات والأدوية لفيروس كورونا.
فالنكن متفائلين ، ونعمل ونبذل الأسباب . ونوقن أن هذا الوباء في طريقه للزوال عاجلا غير آجل بعون الله .
شاهد أيضاً
الاقتصاد والأخلاق مع كرونا
بسم الله الرحمن الرحيم أسئلة وحوار أجؤته السيدة ليلى الشافعي ونشر في جريدة الأنباء الكويتية …