لا خلاف بين العلماء في أن التسوية بين الابناء مستحبة في العطية، وانه تكره المفاضلة.
واختلفوا في وجوب التسوية فذهب الحنفية والمالكية والشافعية الى ان التسوية مستحبة، لان ابا بكر الصديق رضي الله عنه وهب عائشة ابنته رضي الله عنها دون ابنائه وفضل عمر رضي الله عنه ابنه عاصما بهبة دون اولاده، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال للنعمان بن بشير رضي الله عنهما في احدى الروايات: «فأشهد على هذا غيري»، فهذه العبارة تدل على الجواز لا الوجوب.
وذهب الحنابلة الى وجوب التسوية بين الاولاد في الهبة، فيأثم الأب ان فاضل بينهم واستندوا الى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: وهبني ابي هبة، فقالت امي عمرة بن رواحة رضي الله عنها: لا ارضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ان ام هذا اعجبها ان اشهد على الذي وهبت لابنها: فقال صلى الله عليه وسلم: يا بشير الك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا ، قال: فأرجعه، وفي رواية: «اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم» وفي رواية فأشهد على هذا غيري، وهذه الرواية الاخيرة هي التي تمسك بها الجمهور كما سبق، ورأيهم ارجح.
ولكن الاب ان فاضل بين اولاده لسبب فتجوز حينئذ المفاضلة، قال ابن قدامة الحنبلي: ان خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه، مثل اختصاصه لحاجة او زمانة (مرض مزمن)، او عمى او كثرة عائلة، او اشتغاله بالعلم، او نحوه من الفضائل، او صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، او بدعته، او لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله او ينفقه فيها، فقد روي عن احمد بن حنبل ما يدل على جواز ذلك، ورأي الحنابلة هنا وجيه.
واما تقسيم الأب امواله كلها او بعضها حسب تقسيم الميراث في حياته فيرجع الى مفهوم التسوية في العطية فذهب جمهور الفقهاء الى ان معنى التسوية هو بين الذكر والانثى.
وزاد: وذهب الحنابلة وبعض الشافعية، وبرأيهم نأخذ، الى ان العطية تكون على حسب الميراث، قال ابن قدامة: التسوية المستحبة حسب قسمة الله تعالى الميراث، فيجعل للذكر مثل حظ الانثيين لأن الله تعالى قسم بينهم، فجعل للذكر مثل حظ الانثيين، واولى ما اقتدي قسمة الله، ولان العطية في الحياة احد حالي العطية فيجعل للذكر منها مثل حظ الانثيين، كحالة الموت، يعني الميراث.
ولقول عطاء رضي الله عنه عن فعل الصحابة: ما كانوا يقسمون الا على كتاب الله تعالى.
ولان الذكر احوج من الانثى من قبل انهما اذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الاولاد على الذكر، والانثى لها ذلك كله، منه، فكان اولى بالتفضيل لزيادة حاجته، وقد قسم الله الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى، فتعلق به، اي يجعل ذلك علة، ويتعدى حكمه الى العطية في الحياة، ويحقق ذلك ان العطية استعجال لما يكون بعد الموت.
واما عن حديث بشير فقال د.النشمي: فهو قضية في عين – أي حادثة فردية – وحكاية حال لا عموم لها، ولا نعلم حال اولاد بشير، وهل كان فيهم انثى، ام لا؟ ولعل النبي صلى الله عليه وسلم قد علم انه ليس له إلا ولد ذكر.