‘رضاع المرأة زميلها في العمل لتحل الخلوة
22 مايو، 20072,992 زيارة الرضاع
السؤال :
مارأي فضيلتكم بما أفتى به رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين بجامعة الأزهرالدكتور الشيخ عزة عطية من إباحة أن ترضع المورأة العاملة زميلها في العمل منعا للخلوة غير الشرعية وبذلك يجوزللمرأة أن تخلع حجابهاأمام من أرضعته وهذا لايحرم الزواج بينهما
الجواب :
اتفق الفقهاء على أن الرضاع فيما دون الحولين من ولادة الطفل يترتب عليه التحريم في الرضاع. وزاد المالكية أيضا الشهر والشهرين بعد العامين بشرط ألا يفطم قبل الحولين.
وهذا الاتفاق مبني على قوله تعالى: " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " (البقرة 233) وقوله تعالى: " وفصاله في عامين " ( لقمان 14) ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لا رضاع إلا ما كان في حولين " (الدار قطني 4/174 موقوف على ابن عباس رضى الله عنهما، وحديث أم سلمه رضى الله عنها مرفوعا " لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام " (الترمذي 3/449 ) حسن صحيح وأما بعد الحولين فلا يحرم إلا على رأي بعض الفقهاء مستندين إلى أن ما روي من أن أم سلمة رضى الله عنها قالت لعائشة رضى الله عنها؟ " إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي، فقالت عائشة رضى الله عنها: أما لك في رسول الله أسوة حسنة ؟ قالت: إن امرأة أبى حذيفة قالت: يا رسول الله. إن سالما يدخل على وهو رجل، وفي نفس أبى حذيفة منه شيء فقال رسول الله صلى ل . الله عليه وسلم: " أرضعيه حتى يدخل عليك " (مسلم 1037/2) ومراد الإرضاع هنا أن تصبه في إناء فيشربه.
هذا هو أصل الموضوع الذى ذكره الشيخ عزة عطيه ولكن الشيخ أخذ ظاهر الحديث والأحاديث لايستنبط منها الأحكام إلا بعد النظر فى العموم والخصوص والتخصيص والحكم والمقاصد ونحو ذلك . فالحديث ليس عاما حتى يشمل مايريده الشيخ بين الموظفة ورأيسها أومرؤوسها أو زميلها فعممه على كل امرأة مع كل رجل أجنبي وأهل العلم يخصونه ولم يأخذوا بعمومه . والذي يخصصه أمور وهي : أولا أن حالة سالم حالة خاصة فالترخيص له وهو أن التبني كان موجودا شائعا حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم تبنى أسامة بن زيد فإن جاز فلتلك الحالة السابقة على التحريم .
وثانيا : أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذن به، ويروى " أن أم سلمه رضى الله عنها كانت تقول : أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد هذه الرضاعة ولا رائينا" (مسلم 1078/2).
ثالثا : هذا كان في البيوت زمن العفة والستر . وليس كذلك مجتمعات هذا العصر ولذا فقواعد سدالذرائع والفساد تمنع جوازه قطعا .
رابعا : لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم نص فى عموم الإباحة والترخيص في ذلك ولهذا لم ينقل أن الصحابة عملوا به .
خامسا : أن الشرع ضيق في دائرة العرض وجعل الأصل فيها الحظر صيانة للأعراض فلايعم إلا بدليل .
ولذلك كله لم يأخذ بمفهوم أوعموم هذا الحديث جمهور الأئمة المجتهدين ورجحوا أن التحريم لا يكون في الكبير وهذا الذي تؤيده الآية الكريمة السابقة " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " والآية نص في الموضوع .
ولا يعقل بل لايخطر على بال مسلم أن امرأة مسلمة اليوم وفي هذا المجتمع الذي تموج فيه الفتن والانحلال الأخلاقي أن يباح للمرأة أن تفتح عن صدرها و تلقم ثديها لرجل أجنبي ثم يقال دون أن يلتذ ، او ولوكان يشرب حليبها من إناء . ويقال إنه يفعل ذلك لتكون الخلوة بها جائزة ، فالغاية لاتبررها الوسيلة ، وربما الشيخ المفتي يدرك أن من المتفق عليه أن هذا من المفاسد اليقينية والشرع يسد أبوب حتى المفاسد المتوقعة . وفساد ذلك ليس خاصا بالمرأة المتزوجة بل إن وسائل العصر المستحدثة تمكن البكر غير المتزوجة من إدرار اللبن فترضع . ثم ما هي الحاجة الى كل هذا اللغط والشغب على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ممن لايدركون طرق استنباط الأحكام ، والحاجة قائمة وملحة في حماية العفة وصيانة الأعراض في منع الإختلاط ومن الخلوات في أروقة العمل وفي غيرها لاتبريرها . وإذا صحت الخلوة ياشيخ من الذي سيمنع مابعدها من قبلات ونحوها فهذا مدخل للشيطان ومااختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما . ونقول للشيخ أخيرا أنت تتكلم عن الخلوة والحديث في الدخول ولايلزم من الدخول الخلوة .
وأظن أن إثارة هذه التفاهات بين فترة وأخرى هي إما طلب الشهرة على حساب الدين وإما إشغال الأمة وعلمائها عن مهمات القضايا . فلو أن الشيخ استنهض الهمم في نصرة أهل فلسطين أو إيقاف الفتنة في العراق أو حتى نادي بمحاربة الربا أو رد علي فتوي إباحة الفوائد الربوية البنكية ونحو ذلك لقدم شيئا طيبا ولكان الظن به حسنا ولاستحق الأجر والمثوبة . ولايبعد صدق قول الإمام ربيعة بن عبـد الرحمن فقد قرر الإثم والفسق على هؤلاء المفتين فقال: إن بعض من يفتي أحق بالسجن من السراق . قيل وكيف ذلك قال: لو رأى زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا مع قلة خبرته وسوء سيرته وشؤم سريرته وإنما قصده السمعة والرياء ومماثلة الفضلاء والنبلاء والمشهورين المستورين والعلماء الراسخين والمتبحرين السابقين ، ومع هذا فهم ينهون فلا ينتهون وينبهون فلا ينتبهون ، قد أملي لهم بانعكاف الجهال عليهم ، وتركوا ما لهم في ذلك فمن أقدم على ما ليس له أهلا من فتيا أو قضاء أو تدريس أثم ، فإن أكثر منه وأصر واستمر فسق ، ولم يحل قبول قوله ولا فتياه ولا قضاؤه . هذا حكم دين الإسلام والسلام ولا اعتبار لمن خالف هذا الصواب .
. ولأمر ما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فاليقل خيرا أو ليصمت " وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبضه بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ( ) . سامح الله الشيخ عزة عطية وعفا عنه وقلل من أمثاله أو عدمناها .
.
2007-05-22
شاهد أيضاً
الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية
بحث التحوط في المعاملات المالية
تحويل البنوك التقليدية إلى بنوك اسلامية