نواصل تقديم فتاوى رئيس رابطة علماء الشريعة لدول مجلس التعاون الخليجي والعميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي حول الانتخابات.
الحرج في التصويت
ما الحكم الشرعي للتصويت لمرشحين مارسوا انتخابات فرعية وتمت تصفيتهم منها مع العلم ان الانتخابات الفرعية مجرمة في القانون الكويتي، وهل من يصوت لهؤلاء المرشحين يعتبر آثما لمخالفته قوانين ولي الأمر؟
٭ الانتخابات الفرعية الأصل فيها الجواز، بشرط أن يتم اختيار الأصلح او الصالح في دينه وخلقه وان يكون كفؤاً للعمل النيابي، وهذا غير ملاحظ في هذه الفرعيات وإنما هناك مقاييس أخرى من مثل القبيلة والفخذ وأمور أخرى، وهي تؤدي الى حرمان الكفاءات من الفوز، وكذلك قد تحرم من ليسوا من القبيلة من فوز مرشحهم وقد يكون هو الأكفأ.
وقبل هذا كله فإن الحكم الشرعي مبني على إذن ولي الأمر ومادام ولي الأمر قد جرم الفرعيات فلا يجوز حينئذ المشاركة فيها للانتخابات ولا الترشيح عن طريقها. ومن فاز عن طريقها لا يجوز التصويت له يوم الانتخابات، لما يتضمن من مخالفة ولي الأمر، وهو مخالف للمصلحة، وولي الأمر إنما يفعل ما فيه مصلحة الناس.
الأفضل
إذا رشحت الجماعة شخصا وكان هناك مرشح جماعة إسلامية اخرى أفضل منه وكلاهما فاضل وذو كفاءة فمن يتم ترشيحه؟
٭ إذا زكت الجماعة او الحزب مرشحا، وترى انت مرشحا آخر أفضل منه، فلا مانع في ان ترشح من اختارته جماعتك، تخريجا على قول من قال من الفقهاء بجواز تولية المفضول مع وجود الفاضل، لمصالح معينة تراها جماعتك وقد لا تراها أنت، والحرج عنك مرفوع لأنك اخترت صالحا كفؤا.
وإذا كان المرشح الأفضل هو مرشح الجماعة الأخرى، أو فرد مستقل، وترى ان مرشح جماعتك، او من ترغب في ترشيحه بنفسك منفردا أقل منه فضلا لكنه فاضل ايضا وأكثر كفاءة، فإن كنت في جماعة فتلتزم مرشح جماعتك، ولو كان مفضولا تحقيقا للمصالح التي رأتها جماعتك، لما سبق من تعليل.
تبادل الأصوات
هل يجوز التحالف والاتفاق على تبادل الأصوات بين جماعة إسلامية وغيرها «تكتيكا» منها لفوز مرشحها، مع احتمال ان يؤدي ذلك الى سقوط مرشح جماعة إسلامية اخرى او مع احتمال فوز المخالفين، وخسارة المعتدلين من غير تلك التيارات؟
٭ تبادل الأصوات والتحالف يكون أمرا مشروعا بل مرغوبا بين التيارات الإسلامية وبين مرشحيها المعروفين بصلاحهم وكفاءتهم لأداء مهامهم في المجلس النيابي، اما التحالف والاتفاق على تبادل الأصوات مع التيارات الأخرى فيخضع لضوابط وأحكام التحالفات ـ السابق ذكرها ـ ويكون الخطر والحظر أشد إذا كان تبادل الأصوات مع غير التيارات الإسلامية مقصودا منه، أو يؤدي الى، إسقاط مرشح فردي صالح او مرشح جماعة إسلامية، مشهود له بالصلاح والكفاءة، ولو أدى هذا التبادل الى فوز مرشح الجماعة، لأن الوسيلة غير سليمة، والغاية لا تبرر الوسيلة، والتعاون المشروع هو التعاون على البر والتقوى، وليس التعاون على الإثم والعدوان، وهذا التبادل شابه شيء من ذلك فلا يجوز.
نفاذ الحكم
ما حكم الشرع اذا كان ولي الأمر قد أعطى المرأة حق الترشيح لمجلس الأمة ونجحت فعلا فماذا يكون الموقف الشرعي؟
٭ اذا وقع ذلك فقد قال الفقهاء فيه «إذا ابتلي الناس بولاية امرأة ـ اي في القضاء والحكم ومنه عضوية المجلس النيابي ـ فإن حكمها ينفذ ـ اي للضرورة ـ هذا محمول على رأي من يرى عدم جواز توليتها. ولكن مادام هناك من يرى جواز توليها لاعتبارات وأدلة يراها راجحة ـ سبق بيانها في السؤال السابق ـ فالموضوع في دائرة الاجتهاد، لأن لولي الأمر ان يرجح في الأمور الاجتهادية المختلف فيها، وهذا الحق اذا كان ولي الأمر فقيها قادرا على الترجيح، وإن لم يكن كذلك وجب ان يعرض الأمر على جهة شرعية، او مستشاريه الشرعيين، والناس بعد ذلك يتبعون ما يرون دليله راجحا، وتطمئن إليه نفوسهم.
كفاءة المرشح
ما حكم إعطاء الصوت لمرشح صالح وأمين لكنه ليس كفؤا لأداء مهمة النيابة في مقابل مرشح لجماعة إسلامية أخرى يجمع بين الصلاح والكفاءة، أو في مقابل مرشح غير إسلامي من الليبراليين، ولكن الأخير كفاءة عالية وغبرة في العمل النيابي؟
٭ المقصود بالإصلاح، صلاح الدين والخلق والأمانة، والمقصود بالكفاءة القدرة على أداء المهمة حسب طبيعتها، فالمهمة البرلمانية تحتاج الى قدرات على توصيل الكلمة والحوار والمجادلة، والقوة في الطرح، والإصرار على تنفيذ ما يراه حقا، مع حسن العرض والاستدلال، اي ان يكون مقنعا فيما يتبناه من قضايا وطنية او اجتماعية او أخلاقية او تربوية وما الى ذلك في دائرة ما هو مقبول او مطلوب شرعا، ولابد من اجتماع الصلاح والكفاءة، ولذلك قرر الفقهاء فيما اذا وجد القائد الصالح الضعيف، والقائد الأقل صلاحا لكنه قوي، فقدموا القوي على الصالح الضعيف، بل قدموا الفاسق القوي على الصالح الضعيف، لأن الموضع موضع قوة، فإن لم يجتمع معها الصلاح، فتقدم عليه، لأن القوة مصلحتها عامة للمسلمين، والصلاح مصلحته خاصة بالشخص الصالح، فيرجح العام على الخاص. فإذا كان الصالح الضعيف غير الكفؤ يقابله صالح قوي ذو كفاءة من جماعة أخرى، فالواجب حسب ضوابط الشرع إعطاء الصوت للثاني لأنه القوي الأمين، ولأن مناط إعطاء الصوت تزكية وشهادة وهو يستحقها ولو كان مرشح جماعة غير جماعته، ولا يسمع لأمر جماعته في هذا الحال اذ المسؤولية هنا شخصية. هذا على قولكم انه ليس كفاءة، فإن كان كفؤا لكن الثاني أكثر منه كفاءة فتأخذ بمن رشحته الجماعة التي أنت ترتضيها، لأن الحال هنا فاضل ومفضول، فهما يشتركان في الفضل. فيمكن التصويت للمفضول حينئذ للمصلحة التي رأتها جماعتك، وقد يثبت المفضول من حسن الداء ما لا يثبته الآخر.
المنع والتحريم
ما حكم قبول صاحب ديوان دخول مرشحة من النساء وهي محتشمة سوى كشفها عن شعرها؟
٭ ورد النهي عن دخول الرجال على النساء، قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله: «أفرأيت الحمو»، قال صلى الله عليه وسلم: «الحمو الموت» ـ والحمو أخو الزوج ـ فلا يجوز أن يختلي بامرأة أخيه، فالمقصود النهي عن الخلوة، ويفهم منه حظر الدخول على النساء لغير غرض مشروع، مثل الدرس والمحاضرة والموعظة، ومنه المرشح يدخل لغرض التعريف بنفسه وبرنامجه، يجوز عرض المرشح برنامجه الانتخابي، وإجابته على أسئلة النساء، لأن إعطاء الصوت شهادة، ولا يستبين المرشح لإعطائه الصوت إلا بالسماع أو اللقاء وقدرته على الإقناع، فاللقاء لغرض مشروع، وأما دخول المرأة على مجالس الرجال فحكمه المنع والتحريم ما لم يكن لغرض مشروع. نحو الدرس والمحاضرة، وليس من ذلك دخول المرشحة على مجالس الرجال وبخاصة الديوان لتقارب الأنظار والأنفاس ولو كانت منتقبة، وكذلك المنع من دخول المقار الانتخابية الخاصة بالرجال لما ذكرنا، ولعدم جواز الأصل وهو الترشيح لمجلس الأمة، لأنه ولاية عامة.
خطاب المرشح
ما حكم التورية في خطابات المرشحين ومفاتيحهم الانتخابية لإقناع الناخبين بمرشحيهم، وسد ثغرات أخطائهم، أو نقص قدراتهم في جوانب لها علاقة بالمهام البرلمانية، أو ليس لها أثر؟ وما حكم الكذب أحيانا إن غلب على الظن مصلحة كبرى تنفع المجتمع حين نجاح ذاك المرشح؟
٭ الأصل الشرعي ان الشخص لا يزكي نفسه ولكن لا بأس ان يزكيه غيره ممن يعرفه، أما هو فلا يزكي نفسه، لقوله سبحانه وتعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) (النجم 23)، قال القرطبي: أي لا تمدحوها ولا تثنوا عليها، فإنه أبعد من الرياء. وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نحثي في وجوه المداحين التراب، (مسلم رقم 3002). المسلم لا يزكي نفسه إلا اذا وجد في نفسه الكفاءة والأمانة التي لا توجد في غيره، كما زكى يوسف عليه السلام نفسه فقال عز وجل: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) (يوسف 55).
هذا هو الأصل في التزكية، ولكن لما كانت طبيعة الانتخابات البرلمانية في ان المرشحين كثر، والعدد الكثير ينزل في منطقة او دائرة واحدة، والناس لا يعرفونهم حتى يميزوا بينهم ويفاضلوا، فاحتاجوا الى معرفة واضحة بالمرشح، وبخاصة من حيث مؤهلاته، وبرنامجه الانتخابي، فالتعريف بنفسه وبيان مؤهلاته وبرنامجه لا بأس به، لأن ترشيحه مبني على قناعة الناخب به، وهذا يتوقف على التعريف به، ويجوز حينئذ أن يعرف بنفسه وبمفاتيحه، وعلى مفاتيحه الانتخابية ان يعرفوا به بما هو فيه فعلا حقا وصدقا، لأن هذه شهادة للجميع وينبني عليها إعطاء الثقة فوجب ان تكون الكلمة ناصحة واضحة، فلا يجوز التورية واللف والدوران، وأشد منه حرمة ان يذكر الشخص مدحا فيما ليس فيه كذبا وافتراء فهذا من شهادة الزور، وشهادة الزور من الكبائر لما روى ابوبكرة بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «…ألا وقول الزور، وشهادة الزور، وشهادة الزور» «ألا وقول الزور وشهادة الزور» فمازال يقولها، حتى قلت: لا يسكت. (البخاري رقم 59).
مقرات الانتخابات
يكثر في الآونة الأخيرة وخاصة في موسم الانتخابات العديد من الرشاوى بطرق مختلفة منها، تأجير المساكن بأسعار مرتفعة لمدة قصيرة، او التوظيف برواتب عالية لمدة محدودة (شهرين تقريبا) فما الحكمة؟
٭ إذا كان المرشح يستأجر مسكنا لحملته الانتخابية فهو الذي يتحمل ارتفاع السعر ولا شيء في ذلك، اما اذا كان يستأجر اكثر من شقة او منزل بأسعار غير معتادة بقصد ان يستفيد المؤجر من ذلك مقابل ما يرتجيه من إعطائه الصوت، فهذا نوع من الرشوة العينية لما يتحمله المرشح من تكاليف وتبذير للمال توجب الحجر عليه لإسرافه غير المعقول، أما ان كان المرشح صاحب وظيفة قيادية ويتخذ من هذه الوظيفة طريقا لجمع الأصوات عن طريق توظيف الناخبين، او يتوسط لتعيين بعض الناخبين مقابل ضمان أصواتهم، فهذا من الرشوة المحرمة ايضا، لأنه يوظف من لا يستحق، ويشغل وظيفة لمن كانت له أولوية فيها، ومن المستحقين لها، وقد يكون انتظاره لهذه الوظيفة منذ سنوات، واذا كان التوظيف لمدة شهرين فهذا أكثر صراحة في اتخاذ سلطة المرشح، ومكافأته وسيلة للوصول الى مبتغاه فهذا من الرشوة أيضا، لأنه شراء لضمائر الغير فهو من الرشوة، ومن كان هذا طريق وصوله الى المجلس، فإنه لا يستحق ان يمثل المواطنين، ومسؤولية وصول هذا النوع من البشر يتحمله الناخبون الذين باعوا أصواتهم بثمن بخس حين باعوا ضمائرهم، فغشوا أنفسهم ومجتمعهم بأمثال هذا المرشح الذي ينبغي ان يكون مكانه السجن والحجز.
تحديد المبلغ
من يرشح نفسه وعلى خلق ودين وقد حدد مبلغا من المال لأحد أقاربه للاستعانة به في حملته الانتخابية هل يعتبر هذا المال حراما أم حلالا؟
٭ يجب أن يكون هذا المرشح صالحا في نفسه، مصليا، صادقا، ثقة، يصلح لما ترشح له، ويبدو ان هذه المواصفات موجودة فيه واعلم ان عملك وخدمتك له شهادة، لأنك ستحث الناس على انتخابه ويرونك تسعى لإنجاحه. وحينئذ لا بأس ان تأخذ مقابلا مشروطا او غير مشروط. على ان يكون المبلغ في حدود المقبول عرفا ويكون مكافئا للعمل غير مبالغ فيه.
وينبغي التأكيد على رفض اي مبلغ يدفع لك لتسلمه الى غيرك مقابلا لإعطاء الصوت، فإن إعطاء الصوت شهادة، لا يجوز اخذ المال عليها، كما ان الذمة غير قابلة للبيع والشراء، وهو خيانة أمانة.
فإذا خلا العمل الذي تقوم به من هذه المحاذير فلا شك في جوازه إن شاء الله.
تبادل الأصوات
هل يجوز التحالف بهدف تبادل الأصوات بين التيارات الإسلامية؟
٭ تبادل الأصوات يكون مشروعا بل مرغوبا فيه بين التيارات الإسلامية لإيصال مرشحيها المعروفين بصلاحهم وكفاءتهم لأداء مهامهم في المجلس النيابي. وهذا التحالف هو الأصل الذي تحكمه ضوابط التحالف في الحالة الأولى ـ السابق ذكرها ـ وواجب التيارات الإسلامية ان تكون مقاييسها ومعاييرها شرعية في الصلاح والأمانة والكفاءة، فالواجب توحيد الجهود بين الجماعات، والتحالف والاتفاق وتبادل الأصوات على مرشحين من الجماعتين صالحين أكفاء لمهام البرلمان، أو لأفراد مستقلين صالحين أكفاء، والنزول والترشيح حسب اتفاقات واضحة، مادام الهدف من خوض الانتخابات واحدا، وهو توصيل الأكفاء الصالحين لعمل ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتمكين شرع الله في البلاد. وفي هذا التحالف تطييب لقلوب ومشاعر أتباع الجماعتين، وتغليب للمصالح الشرعية على الحزبية. ويتأكد التحالف اذا تحالف الآخرون ايا كانت توجهاتهم، ويصبح التحالف لازما في تبادل الأصوات اذا تحالف الآخرون من الخصوم المعادين للتوجه الإسلامي على إسقاط المرشحين للتيارات الإسلامية، فمن تعاون على الإثم والعدوان، فينبغي ان يواجه بالتعاون على البر والعمل الصالح. والتجمع لتوصيل صوت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويشترط حينئذ البعد عن المهاترات وتجنب الكلام في الأشخاص أيا كان توجههم فالميدان يسع الجميع، والفوز بعون الله للأصلح بعد بذل الأسباب والتوكل على الله.
بشروط
ما الحكم في طلب الجماعة الإسلامية إعطاء الصوت لمرشح غير ملتزم بالإسلام، بل له مواقف معادية وذلك بناء على اتفاقات وتحالف مع هذا المرشح او مع جماعته؟
٭ اذا قررت الجماعة إعطاء الصوت لغير الفاضل والمفضول بأن يكون غير ملتزم بالإسلام، او خصما معاديا لا تنطبق عليه ضوابط التزكية والشهادة الشرعية، ولكن رأت الجماعة توجيه أتباعها الى انتخابه، بناء على تحالفات او اتفاقات معه او مع جماعته، وجماعتك من باب تبادل الأصوات، ليتمكن مرشح الطرفين من الفوز. فينظر هنا: إن كان التحالف لمجرد وصول الطرفين الى البرلمان، فلا يجوز هذا التحالف، لأننا لا نأمن ان يكون هذا المرشح نائبا معارضا ومعاديا للتوجهات والأحكام الإسلامية. فنكون شركاء في التعاون معه على الإثم، وإعانته على المنكر، فبالنظر الى المآل لا يجوز إعطاء الصوت لهذا المرشح.
أما اذا كان الاتفاق عند التحالف قد تم على الالتزام بالحد الأدنى وهو عدم موافقة المرشح على قوانين او توجهات معادية للإسلام. وأن التعاون سيكون في محاربة الفساد ووثق ذلك فيجوز إعطاؤه الصوت بناء على التحالف المسبق.
ما حكم التصويت بين جماعة إسلامية تتحالف مع الشيعة لإنجاح مرشح من الشيعة والسنة، او ان تكون القائمة الإسلامية فيها احد الشيعة، هل هذا جائز من الجانب الشرعي؟ وهل يجوز لي ان أنتخب المرشح الشيعي لأني أثق به، وأثبت أداء جيدا في المجلس السابق؟
٭ الحكم في هذه المسألة واحد، ينبني على أساس ومنطلق الحكم على الشيعة، هل هم مسلمون، ـ وهم كذلك لا ريب ـ فإذا حكمنا بأنهم مسلمون
أمكن القول بجواز التصويت المباشر للمرشح من حيث المبدأ، إذا كان الناخب يثق بالمرشح خلقا ودينا وكفاءة، فهو تصويت مبني على ان الصوت تزكية وشهادة وتوكيل. وأما التحالف فمبني على الأساس ذاته، فيطبق عليه ضوابط التحالف في الحالة الأولى التي يشترط فيها الضوابط والمواصفات الشرعية التامة. ومن يرى خلاف هذا الأساس، فيسعه التحالف وفق معايير الحالة الثانية، فهناك قواسم مشتركة واسعة يمكن التعاون فيها على الخير العام والبر العام، ومن نحو محاربة الفساد، ورد ما يعارض أحكام الشرع، ونشر فضائل الأخلاق، وحفظ مكتسبات البلاد من، عبث العابثين. وما الى ذلك مما هو هدف وغاية واحدة تجمع الأطراف كلها.
وإذا كان ذلك كذلك فيجوز لك ان تعطي ثقتك بمرشح شيعي، او يكون هناك واحد في القائمة او يكون هناك تحالف، وهذا حكم عام، ويقيده ما يتم الاتفاق عليه من أمور، وان يكون المرشح صالحا في ذاته غير معاد، ولا يعتقد او يصدر عنه ما يقتضي الكفر والعياذ بالله، من مثل قوله ان عندهم مصحفا غير المصحف المعروف، او ان يتكلم في عرض عائشة رضي الله عنها لتكذيبه حينئذ صريح القرآن، ولمساسه برسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه الكفريات وغيرها مما يستوي الحكم فيه على الشيعي والسني لو صدر عنه ذلك، ولا يخفى ان مواضع الاتفاق في العمل السياسي البرلماني جزء كبير منه في محاربة المنكر والفساد، ـ كما سبق التنويه ـ وهذا مما لا يختلف عليه بين الطائفتين، والأمر بعد ذلك وقبله خاضع لاجتهاد الأطراف، ومحل الاتفاق والتعاون على تحقيق مصالح شرعية ووطنية ودرء مفاسد كذلك.
وبناء على ذلك فإن التحالف مع الشيعة يمكن ان يدخل في أحكام الحالة الأولى او الثانية الواردتان سابقا، ومن لا يرى التحالف هذا أصلا فله ذلك، ويحترم رأيه لكن المراد تقرير أحكام التحالفات على وفق القواعد والضوابط الشرعية. وما لا حاجة له اليوم قد تشتد الحاجة إليه او يكون ضرورة يوما ما.