خيار شراء الأسهم لموظفي المؤسسات
(التكييف والتطبيق)
بحث مقدم إلى
المؤتمر الخامس للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية
المنعقد في مملكة البحرين
في الفترة من السبت والأحد
20 نوفمبر 2005 – 18–16 شوال 1426 ه الموافق 19
مقدم من
الأستاذ الدكتور/ عجيل جاسم النشمي
2
بسم الله الرحمن الرحيم
*******
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم وبعد.
فإن من مستجدات العصر تلك الأموال التي يملكها أصحابها أو
مستحقوها لكنها محجوزة عنهم ، أو محجوز عنهم أصولها ، فلا يمكنون من
تصرف الملاك فيما يملكون ، ويتم ذلك باتفاق أو عقد وقد تكون هذه
الأموال محجوزة بلا استثمار ، وقد تكون في وعاء استثماري لدى إحدى
” المؤسسات المالية الإسلامية ” ( 1) ، ويكون لها ريع قد يكون من حق
مستحقها أو مالكها ، وقد يكون استثمارها قصير الأجل ، وقد يكون طويل
الأجل ، والحاجز لهذه الأموال قد تكون هي الدولة أو مؤسسة من
مؤسساتها، وقد تكون مؤسسة مالية إسلامية أو شركات تأمين إسلامية وفي
جميع الأحوال هي محكومة بنظم ولوائح .
ومحل النظر المطلوب بحثه في هذه الأموال ، هل هي كمال الضمار،
فتجري عليها أحكامه أو هي ن وع جديد من المال ، لوجوده فخالف مال
الضمار ولحبسه عن مستحقه ومالكه فخالف المالك التام ، ولاستحقاق ريعه
لمستحقه من وجه آخر ، وهذا الاستشكال يجعل حكم زكاته محل النظر
والاجتهاد .
وقد كثر في هذا العصر أنواع هذا المال المحبوس، أو المعجوز عن
تنميته حبسًا مؤقتا، وأخذ أشكالا متعددة في ميزانيات الدولة، والمؤسسات
المالية الإسلامية وغيرها .وقد يكون المال المحبوس أو المحجوز عن
صاحبه أسهما هي له منحة من المؤسسة وفق شروط معينة ، وقد تكون
أسهما رهنها عميل المؤسسة ، وقد لا تكون أسهما لكنها مكافآة تمنحها
الدولة عادة وفق نظم محددة ، وسنتطرق للأخيرة باعتبارها نظيرة أسهم
1) نستخدم في البحث هذا المصطلح للدلالة على البنوك أو المصارف أو الشركات المالية الإسلامية. )
3
الموظفين تلتقي معها في بعض الأحكام ، وتعرضنا لها سيكون باختصار
شديد لمجرد بيان وجه المناظرة .
وبناء عليه سنتناول الموضوع في أربعة مباحث :
المبحث الأول: في مفهوم الأموال المحبوسة ومقارنتها بأموال الضمار
المبحث الثاني : في خيار الأسهم لموظفي المؤسسات : التكييف والتطبيق
المبحث الثالث : في رهن الأسهم
المبحث الرابع : في نظائر خيار أسهم الموظفين
4
المبحث الأول
مفهوم الأموالالمحبوسة ومقارنتها بأموال الضمار
نحتاج إلى بيان أوجه التوافق والاختلاف بي ن مفهوم هذين
المصطلحين لما يترتب عليه من ثمرة اختلاف ألأحكام من حيث الجملة .
فالأموال المحبوسة جنس يختلف عن مال الضمار أو المال المعجوز عن
تنميته، فالأموال المحبوسة هي : ” الأموال التي لا يمكن لصاحبها سحبها،
أو التصرف فيها من الأوعية الاستثمارية التي تشترط بقاء المبلغ فيها
فترات طويلة، قد تستمر منذ إنشاء الوعاء الاستثماري إلى التصفية “، بينما
مفهوم أو تعريف مال الضمار هو : ” المال الذي لا ي تمكن صاحبه من
.” ( استنمائه لزوال ي ده عنه ، وانقطاع أمله في عودته إليه ( 1) في الغالب ( 2
أو كما قال الكاساني : مال الضمار ه و كل مال غير مقدور الانتفاع به مع
قيام أصل الملك ، كالمال المفقود ، والمال الساقط في البحر والمال الذي
.”( أخذه السلطان مصادرة ، أو الدين المجحود( 3
فيتفق المال المحبوس ومال الضمار في أن المال مملوك لصاحبه ملكًا
غير تام، وأنه عاجز عن تنميته بيده ويختلف الم الان في أن مال الضمار
مال غير نام؛ لعدم التمكن من الاستنماء بينما النماء في الأموال المحبوسة
ظاهر، فهي وإن كانت أصو ً لا ثابتة لكنها تزيد وتنمو خاصة إذا كانت
مستثمرة ولا تكاد تنفك عن الاستثمار واقعًا، وأيضًا فإن المال المحبوس
ملكيته أكثر استقرارًا، أو هي مس تقرة فع ً لا ؛ لأن المال تحت يد مليئة تقر
بملكية المال لصاحبه.
. 106/ 1) الزرقاني على الموطأ 2 )
. 194/ 174 ومجمع الأنهر 1 / 2) الفتاوى الهندية 1 )
. 824/ 3) البدائع 2 )
5
بينما مال الضمار قد انقطع أمل مالكه من عودته ، أو كاد ينقطع ،
ويظهر ذلك في المال المغصوب والدين المجحود، فهما من أفراد مال
الضمار لكن لا يعتبران مال ضمار إذا كانت لصاحبهما بينة عليهما ، وهذا
بخلاف الأموال المحبوسة عن مباشرة يد صاحبها .
ويظهر الخلاف أيضا في الاستثمار، إذ لا سبيل إليه في مال الضمار،
فصاحبه
مقهور عليه ، ولا يصله شيء من ريعه البتة ، بينما المال المحبوس
وإن كانت يد مستحقه مغلولة عنه مدة ، إلا أن هذا تم بالتراضي والاتفاق
العقدي مع ال جهة المتصرفة فيه ، بل فيه معنى التفويض من المالك
بالتصرف في بعض الصور ، وقد يكون للمال المحبوس نماء يصل إلى
مالكه حا ً لا أو مؤج ً لا ، ولذلك فتعبير الأموال المحبوسة فيه نوع تساهل لأنها
في كثير من الأنواع تنمو ومظهر نموها ريعها.
ولا يبعد القول : إن أنواع مال ا لضمار لا يدخل شيء منها تحت
مضمون الأموال المحبوسة عن يد أصحابها ؛ لأن مال الضمار وإن سبق
ملكه ووجوده تحت يد مالكه ، إلا أنه الآن غير موجود، لكن الأموال
المحبوسة موجودة حقيقة في المؤسسة المالية ، فهي كالدين القوي على
مليء .
6
المبحث الثاني
خيار شراء الأسهم للموظفين
من المستجدات في المؤسسات المالية ما يعرف بنظام ” خيار شراء
الأسهم للموظفين ” ويقصد من هذا النظام زيادة رأس مال المؤسسة بدخول
شركاء جدد وهم الموظفون ، وهو وإن اصطلح على أنه شراء فهو ليس
شراء بالمفهوم الفقهي إذ أن الموظف سيدفع المال أو ً لا ، ثم يز داد رأس مال
المؤسسة بمقدار ما دفع ، وعندها يكون شريكًا في الشركة بقدر حصته في
رأس مالها، وفي هذا النظام تقصر المؤسسة الاكتتاب في هذه الزيادة على
الموظفين المتميزين في أدائهم وكفاءتهم ، وتجعل الاكتتاب في السهم بسعر
أقل من سعره في السوق بقصد إفادة الموظف من الفرق بين السعرين ،
وفي مقابل هذه الميزة تشترط المؤسسة على الموظف ألا يتصرف بهذه
الأسهم إلى أجل محدد ثلاث سنوات أو خمس سنوات مث ً لا. ولا يخفى أن
هذا الشرط يهدف إلى أمرين :
أولهما : لئلا يسارع الموظف ببيع أسهمه في السوق قبل المدة المتفق
عليها فيحدث بذلك نزو ً لا لسعر الأسهم ويلحق الضرر بباقي المساهمين .
ثانيهما : لتستفيد المؤسسة من استمرار الموظف في وظيفته –
على الأقل – المدة المتفق عليها مع المؤسسة ، إذ ينتفي القصد من تثبيته في
موقعه عندما يسمح له بالتصرف بأسهمه فيبيعها ويترك المؤسسة ، بينما
تكون المؤسسة ق د تكلفت مبالغ وجهودًا كبيرة على تدريبه وتأهيله وظيفيًا ،
ولذلك فإن هذا الاتفاق على بيع الأسهم للموظفين يحقق مصلحة المؤسسة
والموظفين والمساهمين .
7
التكييف الفقهي لأسهم الموظفين :
إن اشتراط الشركة على الموظف ألا يتصرف في الأسهم التي تبيعها
له بموجب نظام “خيار شراء الأسهم للموظفين ” يدخل فيما يعرف في الفقه
بمسألة بيع وشرط .
والدارس لمذاهب الفقهاء في هذه المسألة ، يجد أن لهم اتجاهين
رئيسين فيها.
أما الاتجاه الأول فإنه يرى أن كل شرط لا يقتضيه العقد ، ولا
يلائمه ، ولم يرد نص به ، ولا عرف بجوازه ، فهو شرط غير صحيح ،
فإن كان فيه – أي الشرط – مصلحة للمتعاقدين أو لأحدهما وكان من أهل
المطالبة – أي كان العاقد قادرًا على بيان ما يريد – فسد العقد بالشرط، وإن
لم يكن من أهل المطالبة صح العقد ، وفسد الشرط . وهذا هو مذهب
الحنفية، وبنحوه قال المالكية والشافعية ومتأخرو الحن ابلة مع اختلاف طفيف
في بعض التفاصيل.
وأما الاتجاه الثاني فإنه يرى أ ن الأصل في الشروطالجواز والصحة ،
ولا يحرم منها ويبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله، ولا يعارض
ذلك بكونه يخالف مقتضى العقد، أو لم يرد به نص ، وهذا يتفق مع أصول
الإمام أحمد كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه. 1
وقد يقال : إن اشتراط الشركة على الموظف ألا يتصرف بالأسهم –
بيعًا أو رهنًا أو هبة – لمدة من الزمن هو شرط يناقض مقتضى العقد ؛ لأن
من مقتضيات العقد إطلاق يد المشتري في التصرف بالمبيع كيفما يشاء ،
دون قيد من البائع ، وبالتالي فهو شرط فاسد يفسد العقد به .
يرد ذلك : بأن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد المطلق ، وكذا كل
شرط . لكنه لا ينافي مقتضى العقد مطلقًا فهذا الشرط لا ينافي مقصود
العقد، حيث إن الموظف يتمتع بالملكية الرسمية للسهم، فله حق التصويت
في الجمعية العمومية للشركة بمقدار ما يملك من أسهم، وتؤول إليه الأرباح
.136/ 1) فتاوى ابن تيمية 29 )
8
ويتحمل الخسائر المتعلقة بالأسهم كما أن ارتفاع أو انخفاض سعر السهم في
السوق يعود عليه باعتباره المالك لها .
وسبب اشتراط الشركة لهذا الشرط هو منع وقوع الضرر عليها وهو
ما قد ينتج عن قيام الموظف ببيع الأسهم التي اشتراها فورًا ، ماد ام قد
اشتراها بسعر أقل من سعرها في السوق ، فإن فعل الموظف ذلك زاد من
عدد الأسهم المعروضة للبيع في السوق ، مما يترتب عليه انخفاض في سعر
السهم السوقي ، وهو أمر يضر بالشركة – كما سبق التنويه -.
ومعلوم أن الشركة قد منحت الموظف السهم بسعر تشجيعي ( أقل من
سعر ال سوق ) رغبة في المحافظة عليه ، وفي نفعه في الوقت نفسه ، فلا
ينبغي أن تقابل هذه الميزة الممنوحة من الشركة للموظف بضرر يوقعه
الموظف بالشركة ، والقاعدة الشرعية تقول ( لا ضرر ولا ضرار ) فكان
هذا الشرط من باب منع الضرر.
ثم إن هذا الشرط لا يدخل في باب الربا ، ولي س فيه استغلال ، ولا
جهالة ولا غرر، ولم يرد نص بتحريمه أو بالنهي عنه ، فض ً لا عن أنه
مؤقت يزول بزوال سببه.
ويمكن أن يسند ذلك أيضًا بنصوص الفقهاء من السلف مما يشهد
لصحة مثل هذا البيع ؛ فقد أورد الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى طرفًا
منها. قال: فعلى أكثر نصوص أحمد يجوز أن يشترط على المشتري فع ً لا
أو تركًا في المبيع مما هو مقصود للبائع أو للمبيع نفسه .
وكذلك اشتراط المبيع فلا يبيعه ولا يهبه ونحو ذلك مما فيه تعيين
لمصرف واحد ؛ كما روى عمر بن شبة في أخبار عثمان أنه اشترى من
صهيب دارًا وشرط أن يقفها على صهيب وذريته من بعده .
قال ابن تيمية : كل شرط ينافي مقتضى العقد فهو باطل إلا إذا كان
فيه مصلحة للمتعاقدين.
ويجوز للبائع أن يستثني بعض منفعة المبيع كخدمة العبد وسكنى
الدار، ويجوز للمعتق أن يستثني خدمة العبد مدة حياته أو حياة السيد أو
غيرهما لحديث سفينة لما أعتقته أم سل مة واشترطت عليه خدمة النبي صلى
الله عليه وسلم .
9
قال ابن تيمية : وعلى هذا فمن قال هذا الشرط ينافي مقتضى العقد
قيل له أينافي مقتضى العقد المطلق أو مقتضى العقد مطلقًا ؟ فإن أراد
الأول فكل شرط كذلك ، وإن أراد الثاني لم يسلم له ، فالمحذور أن ينافي
مقصود الع قد كاشتراط الطلاق في النكاح أو اشتراط الفسخ في العقد ، فأما
إذا شرط ما يقصد بالعقد لم يناف مقصوده . هذا هو القول الصحيح بدلالة
( الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار مع الاستصحاب وعدم الدليل المنافي. ( 1
وقد صح عن شريح أنه قال : من ألزم نفسه بشيء طائعًا غير مكر ه
فهو عليه . وأما إلزام الموظف بالاستمرار في الشركة أو المؤسسة وألا
يتصرف بحصته مأخوذ من مذهب المالكية – عدا ابن رشد وحفيده ومن
تابعهما – فعندهم أن عقد الشركة عقد لازم ، ويستمر هذا اللزوم إلى أن
ينض المال ، أو يتم العمل الذي تقبل ، وقد استظهر بعض الحنابلة القول
عندهم أيضًا بلزوم شركة الأعمال بعد التقبل ( 2)، ويمكن اعتبار التنضيض
الحكمي في الشركات اليوم كما أقرته المجامع .
زكاة الأسهم الموظفين :
مادامت الأسهم تحت يد المؤسسة المالية ، ولا يتمكن الموظف مالك
السهم من التصرف فيها مدة معينة ، فلا زكاة عليه فيها ، ولا على المؤسسة
ولكنه يزكيها سنة واحدة متى قبضها أو تمكن من التصرف فيها، وأما ما
يأتيه من ريع هذه الأسهم فيضمه إلى ما عنده من أموال زكوية ويزكي
الجميع بعد توافر شروط وجوب الزكاة . وأما المؤسسة المالية فإنها لا
.( تحسم قيمة هذه الأسهم من الوعاء الزكوي لها ( 3
. 1) القواعد النورانية 190 )
،547/ ى 3 ى النه ب أول 255 ، ومطال / ل 4 ى خلي ي عل 182 ، والخرش / دواني 2 ه ال 165 ، والفواآ / سالك 2 ة ال 2) لغ )
.58/ وینظر الموسوعة الفقهية 26
3) وقد صدر في جواز ” خيار أسهم الموظفين ” عدة فتاوى – ذكرت مضمونها السابق – من هيئات الرقابة )
2000 ، وشركة أعيان للإجارة والاستثمار، / الشرعية في بيت التمويل الكويتي في محضر الاجتماع 34
. 70 ، 69 ، الفتاوى رقم 68
10
المبحث الثالث
رهن الأسهم وأخذ ريعها
من وقائع الأحوال في المؤسسات المالية الإسلامية أنها تطلب
ضمانات لما تقدمه لعملائها من خدمات أو تسهيلات ، وغير ذلك . وقد يقدم
العملاء ما يملكون من أسهمفي المؤسسة المالية ذاتها أو في مؤسسات مالية
أخرى ، أو شركات تق ليدية ضمانًا لتسهيلات وخدمات المؤسسة المالية
الإسلامية. ويكون ريع هذه الأسهم لأصحابها ، وقد تأخذ المؤسسة المالية
مقابل إدارة هذه السهم مبلغًا من المال أجرة ( 1) .وهذه من جنس سابقتها –
خيار شراء الأسهم للموظفين – إلا أنه لا بيع فيها ابتداء .
حكم رهن الأسهم :
ورهن الأسهم جائز ؛ لأنها مما يجوز بيعه ، قال ابن قدامة : كل عين
جاز بيعها جاز رهنها ، ومحل الشيء محل حكمته ( 2) . والمذاهب متفقة
على مشروعية الرهن لقوله وَإِن ُ كنُتمْ عََلى سََفرٍ وََلمْ َتجِدُوْا كَاتِبًا َفرِهَانٌ
مَّقْبُوضَ ٌ ة 3.” وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة” 4
، 1) انظر في جواز رهن الأسهم فتاوى اله يئة الشرعية في بيت التمويل الكويتي فتوى رقم 410 و 412 )
وفتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي ، الجزء الثالث رقم 19 و 192 ، وفتاوى الهيئة الشرعية لشركة
أعيان للإجارة والاستثمار في الكويت فتوى رقم 68 و 69 و 70 ، ومعيار الشركة والشركات الحديثة
11 من المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية ، البحرين. /2/1/ فقرة 4
. 455/ 2) المغني 6 )
. 3) البقرة : 283 )
519 وغيرهما . / 1068 ، والترمذي 3 / 4) أخرجه البخاري 3 )
11
زكاة الأسهم المرهونة :
مادامت الأسهم مرهونة فزكاتها زكاة المرهون عند الفقهاء .
وقد ذهب الحنفية إلى أن زكاة المرهون على الراهن بعد قبضه
ويكون لما مضى من السنين .
قال السرخسي : ولو ارتهن طوق ذهب منه مائة و خمسون مثقا ً لا
بألف درهم فحال الحول والألف عند الراهن يتجر فيها فلا زكاة فيها على
الراهن في رهنه ، ولا زكاة على المرتهن في الدين الذي له عنده ، فإذا
قبض المال ورد الرهن ، فعلى المرتهن زكاة الألف لما مضى لوصول يده
إليها ، وعلى الراهن زكاة الطوق لما مضى ؛ لأن وجوب الزكاة في
الذهب باعتبار العين إلا أن العين كانت محبوسة عن الحق المرتهن ، فإذا
( وصلت يده إليه أدى الزكاة لما مضى. ( 1
ومقتضى كلام المالكية في الرهن أن الزكاة على الراهن ، ويزكيه
عن كل سنة ؛ لأن رهنه لا يمنع تنميته ، قال خليل والدردير : ” وجاز- أي
للمرتهن – شرط منفعته – أي الرهن لنفسه – مجانًا بشرطين : أشار للأول
بقوله : ” إن عينت ” مدتها للخروج من الجهالة في الإجارة ، وللثاني
بقوله : وكان يبيع – أي واقعًا – في عقد بيع فقط لا في عقد قرض .
وقال : ورجع مرتهن على الراهن بنفقته التي أنفقها عليه حيث احتاج لنفقته؛
لأن غلته له ، ومن له الغلة عليه النفقة . وقال ابن أبي زيد وشارحه علي بن
الحسن : ” وثمرة النخل والرهن للراهن ، وكذلك غلة الدور للراهن على
( المشهور إلا أن يشترط المرتهن ذلك فيكون له. ( 2
وبين خليل إمكان أن يتولى المرتهن بإذن الراهن إجارة المرهون .
فقال: ” وتولاه المرتهن بإذنه . وهذا يشير إلى أن المرهون باق على ملك
الراهن، فتجب زكاته عليه كل سنة بخلاف مالا يملك ملكًا تامًا، ومثل له
خليل بالمال المغصوب والمدفون والضائع، فهذه يزكيها إذا قبضها لعام
. 122/ 1) المبسوط 1 )
.218/ 2) رسالة ابن أبي زید القيرواني وحاشيته لعلي بن الحسن 2 )
12
واحد وإن بقيت عند الغير سنين . ( 1) ومثل ذلك الدين قال ابن رش د قال
مالك: إذا قبضه يزكيه لحول واحد وإن أقام عند المديان سنين إذا كان أصله
عن عوض، وأما إذا كان عن غير عوض مثل الميراث فإنه يستقبل به
( الحول. ( 2
ومذهب الشافعية : وجوب الزكاة، كما قال النووي : ” لو رهن
ماشية أو غيرها من أموال الزكاة، وحال الحول، فطريقان : المذهب – وبه
قطع الجمهور – وجوب الزكاة لتمام الملك، وقيل فيه الخلاف في المغصوب
لامتناع التصرف . ( 3)وقال الغزالي ” المرهون إذا تم الحول عليه فيه وجهان
أولهما وجوب الزكاة، لأنه قادر على التصرف بالقبض وتسليم الثمن، ووجه
( لا زكاة فيه لامتناع التصرف. ( 4
ومذهب ا لحنابلة: وجوب الزكاة، قال المرداوي : إن كان النصاب مرهونًا
ووجبت فيه الزكاة، فهل تؤدى زكاته منه، هنا حالتان : إحداهما: أن لا يكون
له مال غيره يؤدى منه الزكاة، فهنا يؤدي الزكاة من عين الرهن، الثانية : أن
يكون للمالك مال يؤدى منه الزكاة غير الرهن، فهنا ليس له أ داء الزكاة منه
( بدون إذن المرتهن على الصحيح من المذهب. ( 5
.251 ،246/ 1) حاشية الدسوقي 3 )
.252/ 2) بدایة المجتهد 1 )
.313/ 3) المجموع 5 )
.1031/ 4) الوسيط 2 )
.39/ 5) الإنصاف 3 )
13
زكاة الأسهم المرهونة لدى المؤسسات المالية الإسلامية:
الذي يظهر أن الأسهم المرهونة لدى المؤسسات المالية ، وهي أداة
ضمانة وتوثق، يودعها العميل بإرادته ضمانًا للمديونية ، أو نظير خدمات
أو تسهيلات تقدمها له المؤسسة فلا وجه لتحميل المؤسسة زكاتها، فإذا
أحصت موجوداتها ، فتحسم هذه الأسهم منها ، ولما كانت هذه الأسهم
مجمدة أو محبوسة عن مالكها فأشبهت الدين ، والذي يرجح فيه أن لا زكاة
على مالكه حتى يقبضه ، فيزكيه عن سنة واحدة ، فكذلك الأسهم المرهونة ،
وإذا وكل المؤسسة بإدارة الأسهم فلها أجرة مقطوعة أو منسوبة لقيمة
الأسهم ، ولمالك الأسهم ريعها وحقه فيها ثابت لأنها ثمرة ماله.
14
المبحث الرابع
المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة
المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة أربعة أنواع :
1 – مكافأة نهاية الخدمة.
2 – مكافأة الراتب التقاعدي.
3 – مكافأة التقاعد.
4 – مكافأة الادخار.
15
أو ً لا : تعريف مكافأة نهاية الخدمة وبيان حقيقتها :
تعريفها : هي حق مالي جعله القانون للعامل على رب العمل بشروط
نقديًا دفعة واحدة ويلاحظ في تحديد مقداره مدة الخدمة ، وسبب انتهائها
والراتب الشهري الأخير للعامل ( 1).محددة يقتضي أن يدفع الثاني للأول عند
انتهاء خدمته ، أو لمن يعول مبلغًا
أو هي المبلغ المستحقة لمنسوبي المنشأة عند تركهم الخدمة ، نظير
الخدمات التي حصلت عليها المنشأة منهم خلال فترة الخدمة ، وذلك وفقا
. ( لمتطلبات نظامية ، أو نتيجة التزام طوعي من المنشأة ( 2
ثانيا : تعريف الراتب التقاعدي وبيان حقيقته :
تعريفه : هو مبلغ مالي يستحقه شهريا الموظف أو العامل على الدولة أو
المؤسسة المختصة بعد انتهاء خدمته بمقتضى القوانين والأنظمة إذا توافرت
.( الشروط المحددة فيها ( 3
أو هو : وعد من ال منشاة بتقديم معاشات لمنسوبيها مقابل خدماتهم
الماضية والحالية .
وتجدر الإشارة إلى أن في مكونات الراتب التقاعدي عنصرين آخرين من
خارج جهة العمل الملزمة بالمكافأة ، وهما :
1) بحث الدكتور محمد نعيم ياسين صفحة 39 أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة المنعقدة في لبنان )
1995 م . /4/20 – ف ذي القعدة 1415 الذي يوافقه 18
55 عن بحث الدكتور عبد الستار أبو غدة صفحة 11 / 2) المواد التدريبية لاختيار زمالة المحاسبة السعودية 7 )
، أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة .
3) الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة ، وانظر : رسالة التأمين الاجتماعي في ض وء الشريعة الإسلامية )
382 للدكتور عبد اللطيف آل محمود .
16
أ – نسبة معينة من مرتب الموظف أو العامل تضاف إلى الوعاء
المخصص لتغطية الراتب التقاعدي.
ب – مساهمة سنوية تخصص في الميزانية العامة للدولة لأغراض دعم
صندوق
. ( ج – التأمين الاجتماعي المنوط به صرف الراتب التقاعدي ( 1
ثالثًا : مكافأة التقاعد :
تعريفها : هي مبلغ مالي مقطوع تؤديه الدولة أو المؤسسات المختلفة
إلى الموظف أو العامل المشمول بقانون التأم ينات الاجتماعية ، إذا لم تتوفر
جميع الشروط لاستحقاق الراتب التقاعدي . أو هي : بتعريف أشمل : مبلغ
تؤديه الدولة أو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للموظفين والعمال
المشمولينبقانون التأمين الاجتماعي ، واقتطعت من مرتباتهم أو أجورهم
اشتراكات محددة بصورة دو رية ولم تتحقق فيهم جميع الشروط الواجبة
لاستحقاق الراتب التقاعدي ، وبخاصة شرط المدة التي دفع المستفيد عنها
اشتراكات قبل انتهاء خدمته ، فإن لم تبلغ القدر الذي يعطى له الحق في
الراتب التقاعدي ، أعطي مكافأة التقاعد التي تحسب على أساس نسبة معينة
من الأجر السنوي الأخير من كل سنة من سنوات الخدمة .
وهذه المكافأة تشبه مكافأة نهاية الخدمة من حيث وقت استحقاقها ،
وهو انتهاء الخدمة، ومن حيث كونها إلزامية عند تحقق الشروط ، ومن
حيث كيفية دفعها حيث تعطى للمستحق دفعة واحدة ، ولكنها تختلف عنها
في حكمة تشريعها ، وطبيعتها، وشروط استحقاقها، والحالات التي تستحق
.( فيها ، ومقدارها وطريقة احتسابها ، والمكلف بدفعها للعمال والموظفين( 2
1) انظر : معايير المحاسبة الأمريكية رقم 87 وقانون الخدمة المدنية الكويتي الجديد دراسة تطبيقية د . عادل )
. الطبطبائي 223 عن بحث الدكتور عبد الستار أبو غدة للندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة 113
2) الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة 81 وبحث الدكتور محمد نعيم ياسين 42 ، والتأمينات الاجتماعية )
421 للدكتور محمد حسين منصور.
17
رابعًا : مكافأة الادخار وبيان حقيقتها :
تعريفها : هي استقطاع نسبة محددة من الراتب أو الأجر ، ويضاف
إليها مقدار محدد بالنسبة أيضا من المؤسسة نفسها ، وتستثمر هذه المبالغ
ويستحق الموظف أو العامل مبلغا يدفع له دفعة واحدة في نهاية خدمته ،
وهو بمثابة صندوق ادخاري اختياري في غالب الأحوال .
وكثير من التشريعات عاملت الجزء الذي يدفعه صاحب العمل من
المبلغ الإجمالي الذي يعطى للموظف في نهاية خدمته معاملة مكافأ ة نهاية
الخدمة ، وأجازت لرب العمل أن يحتسب هذا الجزء مقابل المكافأة التي
يفرضها عليه قانون العمل إذا نص على ذلك في عقد العمل ، فإن لم يوجد
نص على ذلك استحقت مكافأة نهاية الخدمة بالإضافة إلى ما يستحقه في
نظام الادخار ، كما أن بعض النظم طبقت على ذلك الجزء ال قواعد المطبقة
على مكافأة نهاية الخدمة من حيث أسباب سقوط الحق فيها ، واستثنت من
ذلك أقساط الادخار التي يدفعها العامل أو الموظف ، ولم تجز حرمانه منها
.( بحال من الأحوال ( 1
أوجه الاتفاق والاختلاف بين أسهم الموظفين والمكافآت :
تعتبر المكافآت نظيرة لأسهم الموظف ين لا من كل وجه ، ولكن من
حيث وصف المال فهو تحت يد وسلطة جهة العمل مدخر أو مستثمر . في
في اختلاف المقصدوالهدف ، فالقصد : حين أن أوجه الاختلاف عديدة منها
أسهم الموظفين حفاظ المؤسسة على الموظفين المتميزين أصحاب الخبرة أو
ممن اكتسبوا خبرتهم في المؤسسة وعلموا من أمورها وبخاصة سياساتها
الاستثمارية الحالية والمستقبلة ، فلا شك أن مصلحة المؤسسة الحفاظ علي
هؤلاء بالترغيب المادي والمعنوي ، فتمنحهم أسهما فيها بشروط تحقق
1) نظام المعاشات والادخار – محمد مرعي 435 وما بعدها ، والمرجع في شرح قوانين التأمين والمعاشات )
والادخار 409 وما بعدها على ما ذكر الدكتور محمد نعيم 43 ومراجعه .
18
مصلحة الطرفين . بينما المكافآت التزامات علي المؤسسة تحكمها نظم
ولوائح مفروضة في جملتها . وأيضا فان وجه الاستثمار في أسهم الموظفين
أصيل ، فانه وان كانت يد الموظفين الملاك ممنوعة من التصرف المباشر
إلا أنه قد أذن للمؤسسة أن تستثمر الأسهم لصالحة ، بينما مكافآت الموظفين
لا سلط ة لهم عليها في توجيه ونحوه بشكل مباشر أو غير مباشر . ولا شأن
لهم بالأولى في استثما ر ونحوه حاشا مكافأة الادخار فان فيها نوع ا س تثمار
يعود نفعه للموظفين ، لأن حقيقتها لا تعدو أن تكون صندوق ادخار .
19
الفهرس
الموضوع الصفحة
مقدمة 2
المبحث الأول : مفهوم الأموال المحبوسة ومقارنتها بأموال الضمار 4
المبحث الثاني : خيار شراء الأسهم للموظفين 6
التكييف الفقهي لأسهم الموظفين 7
زكاة أسهم الموظفين 9
المبحث الثالث : رهن الأسهم وأخذ ريعها 10
حكم رهن الأسهم 10
زكاة الأسهم المرهونة 11
زكاة الأسهم المرهونة لدى المؤسسات المالية الإسلامية 13
المبحث الرابع : نظائر خيار الأسهم للموظفين 14
المكافآة التي تدفع في نهاية الخدمة 15
مكفأة نهاية الخدمة 15
مكافأة الراتب التقاعدي 15
مكافأة التقاعد 16
مكافأة الادخار 17
الفهرس 19
20