في حديث للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ان المرأة مخلوقة من ضلع اعوج، فما معنى ضلع اعوج؟ وهل يعني ذلك ان تفكيرها اعوج؟ بالاضافة الى ورود حديث يذكر نقص العقل والدين عند المرأة؟ فما حقيقة ذلك وما المراد منه؟
ملاطفة النساء
يفسر لنا د.عجيل النشمي تلك المقولة فيقول: قال ( صلى الله عليه وسلم ) «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وان اعوج شيء في الضلع اعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل اعوج فاستوصوا بالنساء خيرا»، والمراد من الحديث توجيه الرجال لملاطفة النساء والاحسان اليهن والصبر على عوج اخلاقهن، ولفظ الضلع استعيد للدلالة على الشيء المعوج، اي انهن خلقن خلقا فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من اصل معوج. ويعلق د.النشمي على ما قاله الغزالي: وللمرأة على زوجها ان يعاشرها بالمعروف وان يحسن خلقه معها، قال: وليس حسن الخلق معها كف الاذى عنها بل احتمال الاذى منها والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فقد كان زوجاته يراجعنه في الكلام، واكثر من ذلك ان الرجل يزيد على احتمال الاذى بالمداعبة فهي التي تطيب قلوب النساء.
واكد د.النشمي ان الحديث ليس ذما للنساء، بل بيانا لواقع وحقيقة الحال، وتوجيه الى رعاية المرأة وتقلب نفسيتها لما تمر به من ظروف الحيض والحمل والنفاس، فاذا لم يراع الزوج ذلك ادى الى ظلمها والوقوع في المشاكل التي قد تصل الى الطلاق، لذلك قال ابن حجر وغيره ان المراد بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) «فإن ذهبت تقيمه كسرته» الطلاق، وقد وقع ذلك صريحا في رواية عند مسلم«وان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها».
طبيعة المرأة
وعن موضوع نقص الدين والعقل، قال د.النشمي انه ورد في حديث صحيح، قال ( صلى الله عليه وسلم ) «وما رأيت من ناقصات عقل ودين اغلب لدى لب منكن»، قالت امرأة منهن بعزلة وهي التي تناقش النبي ( صلى الله عليه وسلم ): يا رسول الله، فما نقصان العقل والدين؟ قال: اما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين، ونقصان الدين هنا نقصان الطاعة، لأنها تترك الصلاة والصوم زمن الحيض والنفاس، فهذا نقص في العبادة والطاعة وهو نقص في الدين، قال الامام النووي: وصفه ( صلى الله عليه وسلم ) النساء بنقصان الدين لتركهن الصلاة والصوم في زمن الحيض، فقد يستشكل معناه وليس بمشكل بل هو ظاهر فإن الطاعات تسمى ايمانا ودينا، وزاد: واذا ثبت هذا علمنا ان من كثرت عبادته زاد ايمانه، ومن نقصت عبادته نقص دينه، ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به كمن ترك الصلاة او الصوم او غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به كترك الحائض الصلاة والصوم.
امرأة تعدل عددا من الرجال
وحول قوله ( صلى الله عليه وسلم ) «ناقصات عقل»، فالمراد منه ظاهر وهو قلة الضبط للحوادث والوقائع في جميع احوالها، اذ من يعرض لها ضعف الضبط والتثبت زمن الحيض، لذلك قال الامام ابوعبدالله المازري: قوله ( صلى الله عليه وسلم ) «اما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل» تنبيه منه ( صلى الله عليه وسلم ) على ما وراء، وهو ما نبه الله تعالى عليه في كتابه بقوله تعالى (ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى)، اي انهن قليلا الضبط، فبيان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) جواب الاستفسار للمرأة واضح انه في قضية التثبت في الشهادة ونحوها وليس المراد ان عقلها ناقص عن الرجل فإنهن كالرجال بل من النساء امرأة تعدل من الرجال عددا والشواهد كثيرة لا تحصى.
قوة العاطفة
الضلع الاعوج ليس تحقيرا للمرأة، بهذه الكلمات بدأت مديرة ادارة التنمية الاسرية بوزارة الاوقاف سعاد بوحمرا حديثها، حيث قالت: العاطفة عند المرأة تسبق العقل وفقا لطبيعة المهام الخاصة بها، فالحمل والرضاعة وتنشئة الطفل تتطلب طاقة عاطفية كبيرة وهي لغة الحوار مع طفلها، والضلع الاعوج الذي قال عنه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) «خلقت المرأة من ضلع اعوج»، فمهمة المرأة مهمة حنان اي انها تؤدي مهمتها في العاطفة والضلع الاعوج يؤدي مهمته، فاعوجاج الضلوع في القفص الصدري يجعلها قادرة على حماية وصيانة القلب والرئتين، ولو كانت الضلوع مستقيمة هل كانت تحقق الحماية للقلب والرئتين؟
مهمة المرأة
واشارت بوحمرا ان اعوجاج القفص الصدري اي اعوجاج الضلع هنا ليس سبا للمرأة كما يفهمه بعض الناس، وان هذا الوصف مناسب لمهمة المرأة، سواء خلال فترة الحمل، مما يعني حرصها على تجنب كل ما يؤثر على حملها او خلال فتــــرة تكوين النــــشء، فهــــــي هـــــنا تتعامل مع من لا يستطيع ان يبين موضع آلامه، وتـــــلك مهمة صعبة كما انها طـــــويلة بطول فترة الطفولة التي يحـــــدد الاسلام نهايتها بمرحلة البلوغ، حيث يقول الله تعالى (واذا بلغ الاطفال منكم الحلم).
واكدت بوحمرا ان للرجل دوره المناسب له، وللمرأة دورها الملائم لخلقها وطبيعتها، فالمرأة خلقت كالرجل وكل له خلقه وطبعه الذي يناسب وظيفته في الحياة، من اجل ذلك اوصى الله الرجال بالنساء واوصى النساء بطاعة الرجال لتستقيم الحياة.
المرأة مكرمة
وتضيف الداعية موضي العميري: قال الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، فهذا التكريم عمّ الرجل والمرأة، وقد قيل في بيان خلقها من ضلع اعوج ان هذه طبيعة خلقتها وأصل تركيبتها، خلقت لطيفة تتودد الى زوجها وتحنو على اولادها وهي خلقت من ضلع وطبيعة الضلع التقوس لحماية التجويف الصدري بل لحماية تلك الاعضاء، اي القلب، ثم هي ضعيفة لا تحتمل الشدائد أمن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)، وتلك حكمة بالغة ان جعل الله الشدائد في الرجال والرقة في النساء، وقد شبهها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بشفافية الزجاج الذي لا يؤثر فيه ادنى خدش ويكسره السقوط ولو كان يسيرا.
واشارت العميري الى وصية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) باحترام المرأة ومعاملتها المعاملة اللائقة، وقد نص القرآن الكريم انها خلقت في احسن تقويم (ولقد خلقنا الانسان في احسن تقويم)، فهنا ذكر الله تعالى ان خلق الانسان يدخل فيه الرجل والمرأة (في احسن تقويم).